أخذت تنشأ فى إيران منذ القرن الثالث الهجرى دول متقابلة، كانت أولاها دولة الطاهريين بخراسان التى أنشأها طاهر بن الحسين قائد المأمون، وخلفه عليها أبناؤه حتى سنة ٢٥٩ للهجرة، وكانوا تابعين للخلافة ببغداد، فكانوا يرسلون لها بالجبايات والضرائب.
وفى سنة ٢٤٧ أقام يعقوب بن الليث الصفّار الدولة الصفّارية فى إقليم بلوخستان شرقىّ إيران، ومدّ حدودها حتى شملت كرمان جنوبى إيران، وأفغانستان، واستولى على خراسان التى كانت بيد الطاهريين. وخلفه أخوه عمرو حتى سنة ٢٨٦ إذ قضى عليه السامانيون قضاء مبرما. ويغلب الحسن بن زيد العلوى على طبرستان منذ سنة ٢٥٠ ويقيم بها دولة علوية يخلفها عليها أخوه محمد لسنة ٢٧٠ حتى إذا كانت سنة ٢٨٧ هاجمه السامانيون ولم يلبثوا أن أسروه على أبواب جرجان، وبذلك أجهزوا على تلك الدولة العلوية، كما أجهزوا من قبل على الدولة الصّفارية. وكتب للسامانيين أن تظل دولتهم قائمة حتى سنة ٣٨٩ وبذلك تشغل شطرا من العصر العباسى الثانى إذ بدأت فى سنة ٢٦١ وظلت فترة طويلة فى عصر الدول والإمارات، متقابلة مع الدولة البويهية التى سيطرت منذ فواتح هذا العصر على الأقاليم الجنوبية والجنوبية الغربية من إيران، ومدّت ذراعها إلى بغداد فسيطرت عليها وعلى العراق، وكانت تقابلهما الدولة الزيارية التى سيطرت على طبرستان بعد زوال الدولة العلوية منها، وقد مدّت سلطانها أحيانا على جرجان وبلاد الجبل. ولا يكاد القرن الرابع ينتهى حتى يبزغ نجم الدولة الغزنوية. وبذلك كانت تتقابل فى أوائل عصر الدول والإمارات دول السامانيين والبويهيين والزّياريين والغزنويين.