للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من سلطان على النفوس وما يثير فيها من آلام وشكوك، وما له من ضحايا، وما يحدث فيه من العتاب والخصام والصلح والتواعد على اللقاء ومن الهجر والخداع والغدر والسلوان إلى غير ذلك مما يتعثر أهل الهوى فى شباكه. وفى حديثه عن السعادة بالوصل يقول إنه «الحياة المجدّدة» ويقول الدكتور الطاهر مكى فى هامش تحقيقه للكتاب إن هذه العبارة لفتت عامة المستشرقين لأنها تتطابق مع نفس العنوان الذى اختاره دانتى الإيطالى (١٢٦٥ - ١٣٢١ م) لكتابه La Vita Nova الرائع، وهو على غرار طوق الحمامة، طاقة طريفة من أقاصيص الحب ومقطعات الشعر والتحليل النفسى الخلقى مما يؤكد معرفته بالطوق. ولا يشك آسين بلاسيوس-كما ذكر بالنثيا-فى معرفة دانتى بالتراث الأدبى الأندلسى، ويشير الدكتور الطاهر مكى أيضا فى هوامش الكتاب إلى تأثير بعض موضوعاته فى الروايات الإسبانية. ويذكر ابن حزم قصة فى باب «القنوع من المحبوب بأى شئ» عن امرأة فى صقلية شاهدت شابا فى غاية الجمال بأحد المتنزهات، فسارت خلفه تنظر إليه، فلما بعد أتت إلى المكان الذى أثر فيه مشيه وجعلت تقبل الأرض فى مواقع قدميه، ويقول بالنثيا إن شاعرهم الإسبانى المبدع «ماثياس» حاكى هذه القصة بنفس الصنيع. ويبدو أنه كان لطوق الحمامة ترجمة لاتينية مبكرة وأخرى إلى الإسبانية.

[كتابة التاريخ والتراجم الأدبية]

[(أ) المقتبس لابن حيان]

هو أبو مروان (١) حيان بن خلف بن حيان، وقد وزر خلف للمنصور بن أبى عامر (٣٦٦ - ٣٩٢ هـ‍) وبعد وفاته وزر لابنه المظفر عبد الملك (٣٩٢ - ٣٩٩ هـ‍) وظل بقرطبة طوال اندلاع فتنتها (٣٩٩ - ٤٢٢ هـ‍). وتوفى سنة ٤٢٧. ورزق بابنه حيان سنة ٣٧٧ وعنى بتربيته، ويذكر ابن بشكوال فى كتابه الصلة من شيوخه ثلاثة هم الفقيه المحدث عمر بن نابل واللغوى النحوى ابن أبى الحباب والعالم اللغوى المشهور صاعد البغدادى وجميعهم توفوا بين سنتى ٤٠٠ و ٤٠٣ للهجرة، مما يدل على أن ابن حيان اكتملت له ثقافته وهو فى نحو العشرين، وكان منهوما بقراءة الكتب فعكف عليها يستوعبها وخاصة


(١) انظر فى ابن حيان وترجمته الذخيرة ١/ ٥٧٣ والجذوة: ١٨٨ والبغية رقم ٦٧٩ والصلة رقم ٣٤٢ وراجع دراسة د. محمود مكى فى مقدمة نشره لقطعة المقتبس الخاصة بعبد الرحمن بن الحكم الربضى وابنه محمد (طبع بيروت) وتاريخ الفكر الأندلسى لبالنثيا ص ٢٠٨ وتاريخ الجغرافية والجغرافيين فى الأندلس للدكتور حسين مؤنس (طبع مدريد) ص ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>