للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبل سحوره، وفى ذلك يقول ابن السّوادى (١) من شعراء القرن السادس متماجنا:

الصّبوح الصبوح فى شعبان ... لا تخلّوا به مع الإمكان

واسقنيها يوم الثلاثين فى الشّ‍ ... كّ وبعد السّحور قبل الأذان

وبعد أن تماجن طويلا فى القصيدة راجع نفسه وعاد يعلن حسن إسلامه وطاعة ربه وأنه براء من كل ما يصف به نفسه، قائلا:

نيّتى غير ما سمعت وما كا ... ن لسانى عن نيّتى ترجمانى

ومضى يذكر أن عدّته فى معاده شفاعة الرسول عليه السّلام وعلى وفاطمة الزهراء والحسنين، وبذلك محا كل ما جاء به فى قصيدته من تماجن، مصرحا بعقيدته الشيعية وما يعتقده الشيعة فى شفاعة على والسيدة فاطمة والحسن والحسين. وما دمنا بصدد التماجن فحرى بنا أن نتوقف قليلا عند علميه فى العصر: ابن سكرة وابن الحجاج.

ابن سكّرة (٢)

هو أبو الحسن محمد بن عبد الله المعروف بابن سكرة البغدادى الهاشمى، وهو من سلالة على بن المهدى بن أبى جعفر المنصور الخليفة العباسى المشهور، ويبدو أنه كان فى يسار وسعة من المال وأنه عاش للمجون والخلاعة. ولسنا نعرف شيئا عن نشأته وتربيته وحياته إلا ما يصفه به الثعالبى فى اليتيمة من قوله: «هو شاعر متسع الباع، فى أنواع الإبداع، فائق فى قول الملح والطّرف، أحد الفحول الأفراد. جار فى ميدان المجون والسخف ما أراد. . ويقال إن ديوانه يربو على خمسين ألف بيت، منها فى قينة سوداء يقال لها خمرة أكثر من عشرة آلاف بيت، وكانت عرضة نوادره وملحه. وحكى بعض معاصريه أنه حلف بطلاق امرأته-وهى ابنة عمه-أنه لا يخلى بياض يوم من سواد شعره فى هجاء خمرة، ولما علمت امرأته بالقصة كانت كل يوم إذا انفتل زوجها من صلاة الصبح تجيئه بالدواة والقرطاس وتلزم مصلاه لزوم الغريم غير الكريم، فلا تفارقه ما لم يقرض ولو بيتا فى ذكرها وهجائها. وتدل الأشعار التى أنشدها له الثعالبى على شاعرية خصبة فى الغزل وغير الغزل من مثل قوله:


(١) راجع فى ترجمة ابن السوادى وشعره الخريدة (قسم العراق) ٤/ ١/٣٦٩ وابن خلكان ٣/ ٤٨١.
(٢) انظر فى ترجمة ابن سكرة وأشعاره اليتيمة ٣/ ٣ وتاريخ بغداد ٥/ ٤٦٥ والمنتظم ٧/ ١٨٦ وعبر الذهبى ٣/ ٣٠ وابن خلكان ٤/ ٤١٠ والشذرات ٣/ ١١٧ ومرآة الجنان لليافعى ٢/ ٤٢٧ والوافى ٣/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>