إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا ... من كان يألفهم فى المنزل الخشن
وهو أحد من برعوا لعصره فى علم الشعر ونقده، مما جعله يؤلف فى أخبار الشعراء كتابا نفيسا طالما استقى منه القدماء فى كتاباتهم.
ديك (١) الجن
هو عبد السلام بن رغبان، اشتهر بلقبه ديك الجن، وهو من سلالة شخص يسمى تميما من أهل مؤتة بالشام أنعم الله عليه بالإسلام على يد مولاه حبيب بن مسلمة الفهرى صاحب معاوية. ويقول الجهشيارى إن جدّ ديك الجن حبيب ابن عبد الله كان يتقلد ديوان الإعطاء لأبى جعفر المنصور. وولد ديك الجن لأبيه بحمص سنة ١٦١ للهجرة، ويقول أبو الفرج «إنه لم يبرح نواحى الشام ولا وفد إلى العراق ولا إلى غيره منتجعا بشعره ولا متصديا لأحد، وكان يتشيع تشيعا حسنا، وله مراث كثيرة فى الحسين بن على منها قصيدته:
يا عين لا للغضا ولا الكثب ... بكا الرّزايا سوى بكا الطّرب
وهى مشهورة عند الخاص والعام ويناح بها، وله عدة أشعار فى هذا المعنى.
ويقول أبو الفرج أيضا إنه كان يكثر المقام عند أحمد بن على الهاشمى وأخيه جعفر فى سلمية (من أعمال حمص) وكان يمدحهما كثيرا، وقد برّح به الحزن حين توفى أحمد وأبنّه فى قصيدة طويلة معزّيا بها أخاه جعفرا، وقيل بل معزيا له عن زوجته، وهى تصور غلوه فى التشيع إذ نراه يتمثله وكأنه إمام كبير من أئمة الشيعة، ومن ثمّ يخلع عليه بعض صفاتهم القدسية فى رأى شيعتهم من مثل قوله:
نحن نعزّيك ومنك الهدى ... مستخرج والنور مستقبل
نقول بالعقل وأنت الذى ... تأوى إليه وبه نعقل
(١) انظر فى ترجمة ديك الجن وأخبار وأشعاره الأغانى (طبعة دار الكتب) ١٤/ ٥١ ووفيات الأعيان لابن خلكان والوزراء والكتاب للجهشيارى ص ١٠٢ وراجع ديوانه نشر أحمد مطلوب وعبد الله الجبورى بدار الثقافة ببيروت، وانظر أيضا ديوانه جمع الملوحى والدرويش طبع حمص وما نقلاه فى مقدمته عن كتابى الكشكول للعامل وتزيين الأسواق للأنطاكى.