الشّقراطسى وابن السماط المهدوى. ومع كل غرض من هذه الأغراض ما يوضح نشاط الشعراء فيه من الترجمة لنابهيهم وعرض روائع أشعارهم.
ونهض النثر مبكرا فى القيروان وتونس على لسان الولاة والقواد وتأسست الدواوين منذ القرن الأول الهجرى، ونهض أبو اليسر الشيبانى بالكتابة الديوانية لعهد الأغالبة نهضة عظيمة وكوّن فيها مدرسة، وأصبح لها فيها تقاليد متبعة، صوّرها القلقشندى فى صبح الأعشى، واحتفظ برسالة ديوانية فى العهد الحفصى بليغة بلاغة رائعة. وكثرت الرسائل الشخصية منذ القرن الثالث الهجرى بين استعطاف وعتاب ومديح وهجاء واستمناح وعزاء، وهى مسجوعة، ودخلها فى الحقب المتأخرة غير قليل من التكلف. ونلتقى ببعض مقامات، وهى لا تقوم على أديب متسول وحيله الكثيرة فى جذب السامعين وإثارة عطفهم، وإنما تقوم على موضوعات أدبية يراد بها إظهار التفنن فى الكتابة الأدبية. وترجمت لثلاثة من أهم الكتّاب، هم أبو اليسر الشيبانى رئيس ديوان الإنشاء فى عهد الأغالبة، وإبراهيم الحصرى صاحب زهر الآداب، وابن خلدون درة تونس الفريدة
[٣ - [صقلية]]
وانتقلت إلى جزيرة صقلّية، فتحدثت عن جغرافيتها وتاريخها القديم وفتح إفريقية التونسية لها فى عهد زيادة الله الأغلبى سنة ٢١٢ هـ/٨٢٧ م ونشر الدين الحنيف فيها ولغتها العربية وغزو الدولة الأغلبية فيها قلوريّة جنوبى إبطاليا واستمرار استيلائها عليها إلى نهاية أيام الدولة الأغلبية وفتحها لجزيرة مالطة سنة ٢٥٥ هـ/٨٦٨ م ونشرها للدين الحنيف فيها واللغة العربية، ولا تزال إلى اليوم تتكلم لكنة عربية تونسية ودخلت عليها تحريفات كثيرة بحكم طول الزمن وما وقع على لغة مالطة من تأثيرات. وولى للدولة العبيدية على صقلية ولاة حكموها حكما جائرا، إلى أن وليها الحسن بن أبى الحسين الكلبى سنة ٣٣٦ هـ/٩٤٧ م وظلت وراثية فى أبنائه، وحكموها فى القرن الرابع حكما سليما، واضطرب حكمهم، وساء سوءا شديدا فى القرن الخامس، فثارت صقلية عليهم، واستحالت إلى أمراء طوائف وبلدان، وتحارب ابن الثمنة أمير بلرم مع أمير قصريانة، وهزم فاستغاث بالنورمان حكام قلوريّة، فأغاثه ملكهم روجار الأول، وسرعان ما تحولت الاستعانة به إلى الاستيلاء على مدينة بلرم سنة ٤٦٤ هـ/١٠٧٢ م وما توافى سنة ٤٨٤ هـ/١٠٩١ م حتى يكون قد استولى على جميع مدن صقلية. ويدور العام فيستولى على جزيرة مالطة سنة ٤٨٥ هـ/١٠٩٢ م. ورأى روجار أن شعب صقلية العربى أكثر حضارة ومدنية من شعبه مع تفوقه عليه فى شئون الزراعة والصناعة اليدوية، فأخذ يصانعه للإفادة منه وأخذ ما عنده مع التنكيل الغاشم به، وخفّف ابنه روجار الثانى وحفيده غليوم الأول