للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المماليك، وأخذت دولتهم فى الضعف تدريجا حتى لفظت أنفاسها الأخيرة فى معاركها مع السلطان سليم العثمانى على أبواب الشام فى مرج دابق.

(ج‍) العثمانيون (١)

قضى سليم الأول العثمانى على دولة المماليك فى الشام ومصر بعد هزيمته لقانصوه الغورى فى موقعة مرج دابق سنة ٩٢٢ للهجرة. وبعد أربعة أيام من الموقعة دخل حلب ولقيه أهلها بترحاب شديد وأوقدوا له الشموع وتعالت أصواتهم له بالدعاء، وخطبوا له على منابرها.

وفتحت له مدن الشام أبوابها، فاستولى على دمشق وقصده فيها أمراء لبنان وخاصة من بنى معن الدروز النازلين بجبالها مما جعل سليما ومن خلفوه من سلاطين آل عثمان يعترفون لهم بالإمارة فى لبنان. ومضى سليم يستولى على بقية مدن الشام. وفتح مصر وظل بها ثمانية أشهر وعاد منها إلى دمشق، ورأى بوضوح تدهور الأوضاع الاقتصادية فى تلك الديار بسبب اكتشاف البرتغاليين لطريق رأس الرجاء الصالح والنفوذ منه إلى الهند ونقل توابلها وتجاراتها منه مما أضر إضرارا شديدا بطريق البضاعة الهندية القديم خلال حلب والشام.

وكانت حروب الصليبيين والتتار التى حوّلت الشام إلى ساحة حرب كبيرة لمدة قرنين من الزمان قد أحالت أجزاء كثيرة من مدنها إلى خرائب وخاصة مدن الساحل. وكأنما توسّم أهل الشام أن العثمانيين سيعيدون إلى طريق التجارة الهندية ازدهاره الماضى، ولذلك رحبوا بسليم والعثمانيين، وتلاشى هذا الحلم مع الأيام. وكان قد فرّ إلى سليم من المماليك مملوك خائن هو الغزالى الذين زين له فتح الشام ومصر فكافأه بتوليته على الشام ما عدا حلب إذ جعلها لبعض الباشوات العثمانيين. وبمجرد أن توفى سليم الأول سنة ٩٢٦ أعلن الغزالى استقلاله بالشام ولقب نفسه بالملك الأشرف، وسرعان ما هزمته الجيوش العثمانية وخرّ صريعا عند أبواب دمشق. ورأى العثمانيون أن تتوزع الشام ثلاث نيابات على رأس كل نيابة باشا: أولاها نيابة حلب وتشمل سوريا الشمالية، وثانيتها نيابة طرابلس وتشمل أربعة سناجق أو ألوية هى: حمص وحماة وسلمية وجبلة، وثالثتها نيابة دمشق وتشمل عشرة سناجق أهمها بيروت وصيداء ونابلس وبيت المقدس وغزة. وفى سنة ١٠٧٣ خصوا صيداء بنيابة مستقلة تشمل ساحل الشام ما عدا نيابة طرابلس فى لبنان.


(١) انظر فى العثمانيين بالشام بدائع الزهور لابن إياس، وآخرة المماليك لابن زنبل وتاريخ الجبرتى والخطط التوفيقية لعلى مبارك والبلاد العربية والدولة العثمانية لساطع الحصرى، ومقدمة تاريخ العرب الحديث لعبد الكريم غرايبة وتاريخ الشعوب الإسلامية لبروكلمان ص؟ ؟ ؟ وتاريخ العرب (مطول) لفيليب حتى.

<<  <  ج: ص:  >  >>