كانت الدولة العثمانية بالقرن العاشر الهجرى فى أوج قوتها، فانتخب أهل تاجوراء وفدا ذهب إلى إستانبول مستغيثا بتلك الدولة طالبا منها حمايتها لطرابلس وإقليمها وطرد فرسان مالطة من ديارها، ولقيهم السلطان العثمانى: سليمان لقاء كريما، وأمر فورا الأغا مرادا بمرافقتهم للتعرف على أحوال المنطقة ونزل تاجوراء سنة ٩٥٧ هـ/١٥٥٠ م وأنشأ بها جامعا ومدرسة، وأرسل إلى السلطان بالأحوال فى المنطقة، فأمر سنان باشا قائد الأسطول العثمانى أن ينسق كافة العمليات الحربية مع مراد أغا لإخراج فرسان مالطة من طرابلس، فأمر سنان باشا درغوت الذى كان مرابطا-حينئذ-ببعض قطع من الأسطول أمام الجزائر بمهاجمته لأولئك الفرسان بطرابلس وطردهم منها، وصدع توا لأمره وهاجم طرابلس، واستسلم له فرسان مالطة سريعا سنة ٩٥٨ هـ/١٥٥١ م. وأصبحت طرابلس ومنطقتها تابعة للدولة العثمانية، وكان مراد أغا أول من شغل منصب الوالى التركى بها، فعمل توا على ترميم القلعة وتعمير المدينة، وحوّل الكنيسة التى بناها فرسان مالطة بالقلعة إلى مسجد، وأخذت الحياة العامة فى طرابلس تنشط ونشطت معها التجارة، وسرعان ما أصبحت طرابلس قاعدة مهمة من قواعد البحرية العثمانية فى البحر المتوسط. وأدركته الشيخوخة سريعا، فرأى ترك طرابلس سنة ٩٦٤ هـ/١٥٥٦ م إلى تاجوراء، لتمضية بقية حياته، وخلفه على البلاد من قبل الدولة العثمانية درغوت، وكان قائدا بحريا عظيما، فاتخذ طرابلس قاعدة كبرى لعملياته البحرية الحربية ضد قراصنة وأساطيل الأوربيين من إسبان وغير إسبان، وكثرت بها الغنائم والأسرى الأوربيون، وبذلك أعاد إلى الأذهان سيرة خير الدين (بربروس) فى الساحل الجزائرى واتخاذه الجزائر وغيرها من مدن هذا الساحل قاعدة لأعماله البحرية العظيمة التى ظلت ترتعد لها فرائص الأوربيين، وبالمثل أنزل بهم الفزع والرعب درغوت بسفنه البحرية وجنوده من الترك والطرابلسيين المغاوير.
وعنى عناية واسعة بتحصين المدينة فأنشأ بها أبراجا مختلفة وقصرا له ودارا للبارود وأذن للأسرى المسيحيين بإنشاء مقبرة خاصة بهم مما يدل على كثرتهم فى أيامه بسبب حملات أسطوله البحرية وجهاد جنوده البحرى فى سبيل الإسلام وحماية ديار أبنائه المغاربة. وأنشأ بطرابلس جامعا عظيما ضم رفاته حين توفى سنة ٩٧٠ هـ/١٥٦٢ م ووليها بعده علج على ساعده الأيمن فى القيادة البحرية لفترة محدودة، وخلفه عليها جعفر باشا وولاة آخرون منهم مصطفى باشا وفى عهده استولى ثائر من أهل البلاد هو يحيى الجبالى سنة ٩٩٢ هـ/١٥٨٤ م على كل ما سوى