للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيدى بنى برمك لدينا ... تبكى عليهم بكلّ واد

كانت بهم برهة عروسا ... فأضحت الأرض فى حداد

وكان الفضل بن عبد الصمد الرّقاشى منقطعا إليهم، وطالما نوّهوا باسمه وأجزلوا فى عطائه، فلما صلب جسد جعفر على الجسر اجتاز به وهو على الجذع فوقف يبكى أحرّ بكاء، ثم أنشأ يقول (١):

أما والله لولا خوف واش ... وعين للخليفة لا تنام

لطفنا حول جذعك واستلمنا ... كما للناس بالحجر استلام

وما أبصرت قبلك يا بن يحيى ... حساما حتفه السيف الحسام

على اللذات والدنيا جميعا ... ودولة آل برمك السلام

وأخذ يتحسر عليهم ويتفجع فى مراث كثيرة، ونحن نقف قليلا عند شاعرين من أهم شعرائهما: أبان بن عبد الحميد اللاحقى وأشجع بن عمرو السّلمىّ.

أبان (٢) بن عبد الحميد (٣) اللاحقى

من موالى البصرة، وبها منشؤه ومرباه، وقد تفتحت شاعريته مبكرة وأخذ يتجه بها نحو الهجاء، وسرعان ما اصطدم بالمعذّل بن غيلان، واستطار بينهما الشّرّ، ونرى المعذّل فى هجائه يتهمه بأنه مانوى (٤) زنديق، وهى تهمة ظلت عالقة به، مما يدلّ على أن لها أساسا فى حياته، وسنرى الجاحظ لا ينفيها عنه، بل يثبتها متعجبا، ويظهر أنه كان يضم إلى هذه الزندقة شيئا من العكوف على اللهو والمجون شأن أخدانه من الشعراء. وممن هجاهم أيضا فى باكورة حياته بعض


(١) أغانى (ساسى) ١٥/ ٣٤ وانظر له مرثية أخرى فى غرر الخصائص الواضحة الوطواط (طبعة بولاق سنة ١٢٨٤ هـ‍) ص ٤٠٧.
(٢) انظر فى ترجمة أبان وأخباره وأشعاره الأغانى (طبعة الساسى) ٢٠/ ٧٣ والأوراق للصولى (قسم أخبار الشعراء) طبع مطبعة الصاوى ص ١ - ٥٢ وابن المعتز ص ٢٠٢ وما بعدها وص ٢٤١ والوزراء والكتاب للجهشيارى ص ٢١٨ والحيوان للجاحظ ٤/ ٤٤٧ وما بعدها وتاريخ بغداد ٧/ ٤٤ والنجوم الزاهرة ٢/ ١٦٧
(٣) فى الفهرست لابن النديم: حميد. انظر ص ١٦٣.
(٤) الصولى ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>