للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطالع كلامهم وخواتمه فحسب، بل كانوا يتفقدون أيضا ثناياه ومقاطعه. ونحن نتوقف قليلا عند الحسن البصرى وخطابته، إذ يعدّ أخطب خطبائهم وأبلغ بلغائهم.

الحسن (١) البصرى

ولد بالمدينة سنة إحدى وعشرين للهجرة لأب أعجمى يسمى يسارا من سبى ميسان بجوار البصرة استرقه رجل من الأنصار، ثم أعتقه، فكان ولاؤه فيهم، وكانت أمه خيرة مولاة لأم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم، وأعتقت هى الأخرى. وكان له أخ يسمى سعيدا. وقد عاشت هذه الأسرة فى وادى القرى، وترددت على المدينة. ولم تتصل أمه بأم سلمة وحدها من أزواج الرسول، فقد كانت تختلف إليهن جميعا، ويختلف معها الحسن، فاقتبسا معا من نورهن ونور الرسالة النبوية، وأعان أمه على هذا الاقتباس أنها استطاعت أن تحسن العربية، فكانت تروى أحاديث عن أم سلمة وتدمجها بوعظ كثير، مما كان له أثره العميق فى نفس ابنيها الحسن وسعيد. وأخذ الحسن منذ صباه يختلف إلى المسجد الجامع، وفى أثناء ذلك حفظ القرآن وتعلم الكتابة، وأخذ ينهل مما فى المدينة من فيض الرسالة.

ولا نتقدم إلى خلافة علىّ حتى نجد أسرته تنزح إلى وطنه، فينزل البصرة، ونرى الحسن يجنح عن المشاركة فى الأحداث القائمة، وهو مذهب اتبعه طول حياته أن لا يشارك فى الأحداث والفتن، وكأنما وهب نفسه للدين بمعناه الدقيق، فهو يعيش لمدارسة القرآن الكريم ورواية الحديث محاولا الوقوف على جوانب التشريع الإسلامى. ونراه يخرج بعد اجتماع الأمة على معاوية مع الجيوش الغازية فى الشرق، ويعمل كاتبا لبعض الولاة فى خراسان، ويظل هناك نحو عشر


(١) انظر فى ترجمة الحسن طبقات ابن سعد ج ٧ ق ١ ص ١١٤ ووفيات الأعيان لابن خلكان والمعارف لابن قتيبة ص ٢٢٥ وتهذيب التهذيب والملل والنحل ص ٣٢ وأمالى المرتضى ١/ ١٥٢ والكامل للمبرد والبيان والتبيين والعقد الفريد وعيون الأخبار انظر (فهارس تلك الكتب) والحسن البصرى لابن الجوزى والحسن البصرى لإحسان عباس (طبع دار الفكر العربى).

<<  <  ج: ص:  >  >>