هو على بن محمد، ويعدّ من كبار الأدباء الإيرانيين فى زمنه، وكان يحسن الكتابة والشعر ياللسانين العربى والفارسى وعرف له أمير بست مكانته، فاتخذه كاتبا له، حتى إذا فتح بلدته الأمير سبكتكين قرّبه منه وقلّده الكتابة فى ديوانه، وحلّ عنده محل الثقة الأمين فى مهمات شئونه. ونعم بجواره، واشتهر بما صوّر فى كتبه وأشعاره من فتوحه، وظلت له نفس المكانة عند ابنه الأمير محمود الغزنوى، إلى أن غضب عليه ونفاه إلى بخارى وسرعان ما وافته المنية بها سنة ٤٠٠ للهجرة وقيل بل سنة ٤٠١ وكان شافعى المذهب معتزلىّ العقيدة.
ويعرّف به الثعالبى فيقول:«صاحب الطريقة الأنيقة فى التجنيس الأنيس، البديع التأسيس، وكان يسميه المتشابه ويأتى فيه بكل طريفة لطيفة». ولم يكن يستخدم الجناس استخداما واسعا فى أشعاره فحسب، بل كان أيضا يستخدمه فى كتاباته ونثره. ويورد الثعالبى طائفة من جناساته وسجعاته فى رسائله، يدل بها على قدرته فى التجنيس البديع الصيغة، فمن ذلك قوله:
«من أصلح فاسده، أرغم حاسده. من أطاع غضبه، أضاع أدبه. عادات السادات، سادات العادات. من سعادة جدّك، وقوفك عند حدّك. الخيبة، تهتك الهيبة. الدّعة، رائدة الضّعة. أجهل الناس من كان للإخوان مذلا، وعلى السلطان مدلاّ. إذا بقى ما قاتك، فلا تأس على ما فاتك. المنيّة، تضحك من الأمنيّة. حدّ العفاف، الرضا بالكفاف. ظلّ الجفاء، يكسف شمس الصفاء».
ويأخذ الثعالبى فى عرض أغراض شعره بادئا بملحه فى الغزل والخمر، وهى ملح لا تقوم على الاهتمام بالمعانى بقدر ما تقوم على الاهتمام بالجناس، وكأنما أصبح الجناس وما قد يجلبه من تشبيه أو استعارة أو طباق غايته أو هدفه من صنع أشعاره، على نحو ما نجد فى قوله متغزلا:
وغزال كلّ من شبّهه ... بهلال أو ببدر ظلمه
قال إذ قبّلت بالوهم فمه ... قد تعدّيت وأسرفت فمه
(١) انظر فى ترجمة أبى الفتح البستى وشعره اليتيمة ٤/ ٣٠٢ وما بعدها والمنتظم ٧/ ٢٧ وتاريخ الحكماء للبيهقى: ٤٩ وطبقات الشافعية للسبكى ٥/ ٢٩٣ وابن خلكان ٣/ ٣٧٦ وشذرات الذهب ٣/ ١٥٩ وعبر الذهبى ٣/ ٧٥ والأنساب ٨٠ ب وروضات الجنات ٤٨٢ والنجوم الزاهرة ٤/ ١٠٦ وديوانه مطبوع