للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل البان يحكى من معاطفك القدّا ... أو الورد فى توريده يشبه الخدّا

لقد أخطأ التشبيه من حسب السّها ... يقاوم فى آفاقه القمر السّعدا

وهل لحلى ليلى نظير وإن هم ... يظنون منها الثّغر قد أشبه العقدا

هى الغاية القصوى محاسن لم تجد ... شبيها لها فى الغانيات ولا ندّا

وهو يريد أن يقول إن قدّ ليلى أرشق من قدّ البان وحمرة خدها تفوق حمرة الورد جمالا وبهاء، ومثل أترابها منها مثل نجم السها الخافت الذى لا يكاد يبين سناه بالقياس إلى ضوء البدر الذى يملأ الآفاق نوره، وثغرها فى بياضه وصفائه يشبه درر العقد المتلألئة.

وكل هذه التشبيهات مرت بنا فى أخيلة بديعة تصور انبهار الغزلين بجمال صواحبهن، وقد أضعفها عنده أيضا عرضها فى صور من الاستفهام واقترانها بالحسبان والظن.

ولعله يحس بنا أن نتوقف قليلا عند نفر من شعراء الغزل الأندلسيين المبدعين وهم:

الرمادى، والشريف الطليق، وابن زيدون وولادة، وابن الزقاق، وأبو جعفر بن سعيد وحفصة الركونية، وابن خاتمة.

الرّمادى (١) الكندى

هو أبو عمر يوسف بن هرون الكندى المعروف بالرمادى، ويقول مترجموه إن نسبته إلى قبيلة كندة جعلت كثيرين من شيوخ الأدب فى زمنه، يقولون: فتح الشعر بكندة وختم بكندة يعنون امرأ القيس الكندى فى الجاهلية والمتنبى والرمادى القرطبى الكنديين.

أما لقبه الرمادى فيقول ابن بشكوال فى الصلة إنه تعريب لكنية إسبانية هى:

«أبو جنيس» ويبدو أنه كناه بها أحد معاصريه على نحو ما مرّ فى كنيات وألقاب شعراء آخرين مثل البلّينة أى الحوت. وقال ابن سعيد فى المغرب إنه منسوب إلى رمادة من قرى مدينة شلب فى الجنوب الغربى للأندلس، وربما كان قول ابن سعيد أكثر دقة لأنه أعرف بشلب وقراها، ولو كانت الكلمة نقلا لكنية: «أبى جنيس» الإسبانية أو


(١) انظر فى ترجمة الرمادى وشعره الجذوة ص ٣٤٦ والمطمح ص ٦٩ والبغية ص ٤٧٨ والصلة ص ٦١٣ والمغرب ١/ ٣٩٢ والمطرب لابن دحية ص ٦٦ وما بعدها وابن خلكان ٧/ ٢٢٥ واليتيمة ٢/ ١٤، ٩٩ وما بعدها ومعجم الأدباء ٢٠/ ٦٢ والذخيرة ١/ ٣٢٢ و ٢/ ١٤١ و ٣/ ٣٤٦، ٨٢١ و ٤/ ١٢٠ وانظر تاريخ الأدب الأندلسى عصر سيادة قرطبة للدكتور إحسان عباس ص ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>