للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة أشهر فى سنة ١١٤٩ بدأها من موطنه دمياط إلى القدس، وعنى باختصار كتاب الأنس الجليل فى زيارة بيت المقدس والخليل لأبى اليمن مجير الدين الحنبلى، وسمى مختصره «لطائف أنس الخليل فى تحايف القدس والخليل». وواضح أن الجغرافيين المصريين أخذوا يعنون فى العصر العثمانى بجغرافية الأراضى المقدسة فى فلسطين والحجاز.

[٣ - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد]

أخذت مصر تعنى بدراسات اللغة والنحو مع عناية مدرستى البصرة والكوفة بهما، مما دفع فيها إلى نشوء طبقة من المؤدبين، وأخذت هذه الطبقة تتكاثر منذ القرن الثانى للهجرة، فكانت تلقن الشباب فى الفسطاط والإسكندرية مبادئ العربية، وانضم إليهم فى هذا التلقين بعض العلماء الذين هاجروا إلى الديار المصرية مثل عبد (١) الرحمن بن هرمز الأعرج تلميذ أبى الأسود الدؤلى.

تزيل الإسكندرية المتوفى بها سنة ١١٧ للهجرة. وطبيعى أن يظل نشاط هؤلاء المؤدبين مطردا طوال القرن الثانى للهجرة، لسبب واضح هو عناية المصريين بقراءات القرآن الكريم وضبط ألفاظه لغويا ونحويا، ولمدارستهم لتفسير القرآن الكريم وللفقه، وسنرى فيما بعد نشاطهم الجم فى هذه الميادين. ولم تعن كتب التراجم بأسماء هؤلاء المؤدبين وإحصائهم، ولكن لا شك فى أنهم كانوا كثيرين. وقد ترجم السيوطى فى كتابه البغية لواحد منهم هو سرج الغول الذى لحق زمن الإمام الشافعى حين نزل الفسطاط سنة ١٩٩ وكان عالما باللغة ولم يكن أحد بالفسطاط يظهر شعره إلا بعد عرضه عليه ورضاه عنه، ويقال إنه كان يذاكر الشافعى فى اللغة والشعر، وإنه كان يعجب بمعارفه، وروى أنه كان يقول عنه حين يقوم من مجلسه: نحتاج إلى أن نستأنف طلب العلم، وحسبه تلك الشهادة الرفيعة من الإمام الشافعى. وممن كان يجتمع به الشافعى فى الفسطاط من اللغويين عبد الملك بن هشام صاحب السيرة النبوية المشهورة، ويقول السيوطى عنه إنه كان إماما فى اللغة والنحو والعربية ويذكر أنه كان يتناشد هو والشافعى كثيرا من أشعار العرب (٢).


(١) راجع ابن هرمز فى أخبار النحويين البصريين للسيرافى ص ٢١ وتذكره الحفاظ ١/ ٩١ وطبقات القراء لابن الجزرى ٤/ ٣٨١ وإنباه الرواة ٢/ ١٧٢ وما به من مراجع.
(٢) له كتاب سماه «ما وقع فى أشعار السير من الغريب» وانظر مصادر ترجمته فى ص ١٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>