والبابى يجأر إلى ربه ضارعا متوسلا برسوله الذى جمع أمته على الولاء له، ويقول إنه نور الوجود، فنوره يشاهد فى كل نور: فى نور الشمس والقمر والكواكب والنجوم وهو خلاصة الكونين وصفوة الأنبياء والمرسلين، ويتخذه وسيلة إلى ربه وشفيعه، حتى يلطف به فى قضائه وما جرى فى طى علمه. وحرى أن نترجم لنفر من المتصوفة وأحد شعراء الزهد والمديح النبوى وهو أول من نقف عنده.
عبد (١) العزيز الأنصارى
هو شرف الدين الصاحب عبد العزيز بن محمد بن يونس الأوسى الأنصارى، كان أبوه من فقهاء دمشق، وحين عهد بقضائها فى عهد صلاح الدين إلى ضياء الدين الشهرزورى سنة ٥٧٢ جعله من نوابه. ودار العام فاستعفى ضياء الدين من القيام على القضاء، ولا نعرف هل ترك والد الشاعر القضاء أو أنه ظل يعل فيه مع ابن أبى عصرون خليفة ضياء الدين. وأكبر الظن أنه بقى فى منصبه مدة، أو لعله عمل فى منصب آخر. ويقولون إنه كان يشتغل بالتجارة فى سوق الخوّاصين ولا ندرى هل كان يجمع بين عمله فى القضاء وبين التجارة أو كان يزاولها حين يعفى منه. وولد له ابنه عبد العزيز سنة ٥٨٦ وطبيعى أن يعنى القاضى بتربية ابنه، فأخذ يرعاه حتى حفظ القرآن الكريم ورأى أن يتزود من حلقات الشيوخ بدمشق فدفعه إليها وأكبّ عبد العزيز على تلك الحلقات ينهل منها، حتى إذا أحس أبوه أنه استوعب ما فيها نزل به بغداد فاستمع بها إل شيخ المدرسة النظامية، وكان لا يزال فى نحو العشرين من عمره. وسكن الأب حماة وتولى قضاءها لعهد صاحبها السلطان المنصور الأول (٥٨٧ - ٦١٧ هـ) وسكنها معه ابنه عبد العزيز، ويقربه منه المنصور وينظم فيه بعض مدائحه وكذلك فى زوجته عصمة الدين، ويتوفى المنصور ويغتصب إمارة حماة بعده السلطان قلج أرسلان (٦١٧ - ٦٢٦ هـ) ويظل بها عبد العزيز. وتولى الإمارة السلطان المظفر بن المنصور الأول (٦٢٦ - ٦٤٢) فابتسمت الدنيا له إذ اتخذه المظفر وزيره ومستشاره وشاعره، ويتوفى ويخلفه ابنه السلطان المنصور (٦٤٢ - ٦٨٣ هـ) وكان صبيا فى العاشرة
(١) انظر فى عبد العزيز الأنصارى وشعره فوات الوفيات ١/ ٥٩٨ وذيل مرآة الزمان ٢/ ٢٣٩ والعبر ٥/ ٢٦٨ وتذكرة الحفاظ ٤/ ١٤٤٣ وطبقات الشافعية ٨/ ٢٥٨ والنجوم الزاهرة ٧/ ٢١٤ والخزانة للحموى ص ٢٤٩، ٣١٤ وديوانه (طبع مجمع اللغة العربية بدمشق) بتحقيق د. عمر موسى