للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله، وكأنما كان ذلك يؤذى نفسه أن يسمع تلك الألقاب ولا يرى لأصحابها أعمالا حميدة، بل يرى أعمالا ذميمة فقال:

تسمّى بنور الدين وهو ظلامه ... وهذا بشمس الدين وهو له خسف

وذا شرف الإسلام يدعوه قومه ... وقد نالهم من جوره كلّهم عسف

رويدك يا مسكين سوف ترى غدا ... إذا نصب الميزان وانتشر الصّحف

بماذا تسمّى هل سعيد فحبّذا ... أو اسم شقىّ بئس ذا ذلك الوصف

وهو نقد شديد بل تجريح للأئمة من بيته فى عصره وقبل عصره. وكان لا يخشى فى الله لومة لائم. وديوانه يكتظ بالمواعظ والأدعية والابتهالات إلى الذات العلية، وله قصيدة فى التقوى ختم جميع أبياتها بشهادة: لا إله إلا الله، وله غير مدحة نبوية وأيضا له قصيدة فى مديح على سماها «التحفة العلوية» وكتب عليها شرحا سماه «الروضة الندية». وله أشعار فى فنون البديع المختلفة وخاصة فى التورية وهو يكثر من التضمين فى أشعاره وخاصة من شعر المتنبى. وطالت حياته حتى سنة ١١٨٢ للهجرة وبذلك يكون قد سبق محمد بن عبد الوهاب فى الوفاة بنحو ربع قرن تقريبا.

ابن مشرف الأحسائى (١)

هو أحمد بن على بن حسين بن مشرف الوهيبى التميمى الأحسائى، ولد وعاش فى الأحساء ولا يعرف تاريخ مولده. وبدأ فى نعومة أظفاره بحفظ القرآن الكريم على شاكلة لداته، ثم أخذ يختلف إلى حلقات العلماء فى موطنه، والتهم كل ما وجده فى هذه الحلقات من معارف وخاصة ما اتصل بالفقه والعربية، واعتنق المذهب المالكى مثل آبائه. وليس فى ديوانه ما ينبئنا عن أحواله فى فواتح حياته أو فى شبابه المبكر، وقصائده فيه مؤرخة على السنوات، وهى تمتد من سنة ١٢٤٥ هـ‍/١٨٢٩ م إلى سنة ١٢٨٣ هـ‍/١٨٦٦ م وأكثرها أو قل جمهورها فى مديح فيصل بن تركى، والسنة الأولى هى نفس السنة التى استولى فيها السعوديون على الأحساء، وكأن شعره جميعه تظله الدولة السعودية إذ توفى سنة ١٢٨٥ هـ‍/١٨٦٨ م. وهو فى ديوانه يعتنق الدعوة الوهابية وكأنما يعيش لها وبها، فهى كل حياته وكل أفكاره وكل مشاعره ولا نعرف هل تاريخ اعتناقه لها يسبق امتداد الدولة السعودية إلى الأحساء فى سنة ١٢٤٥ أو أنه يقترن بتلك السنة، على كل حال الديوان كله


(١) انظر فى ابن مشرف وحياته وأشعاره شعراء هجر ص ٧٧ ومقدمة الناشر لديوانه (طبع الرياض).

<<  <  ج: ص:  >  >>