من ضياع الشريعة محرور، وفيها تفاؤل بمن يقوم بالدين، ويحيى شريعة سيد المرسلين، وفيها إيقاظ للهمم لو كانت نائمة، ولكنها ميتة لا ترجى لها قائمة. والجهاد باللسان أحد الأقسام. نسأل الله قبول الأعمال وحسن الختام». وفيها يصور جهاد المصلح الدينى المنتظر هو وأنصاره فى سبيل دعوته، وكيف يخوضون إليها غمار الحروب، حتى تبسط سلطانها على الناس، يقول:
يحفّ به قوم على كلّ سابح ... تعدّ المنايا فى الحروب مناها
ولا جمعوا مالا ولا كسبوا لهم ... قصورا ولا باهوا برفع بناها
وما ادّخروا إلا حساما وذابلا ... ومهرا يبارى الرّيح عند سراها
وما قصدوا من سفكهم لدم العدا ... وتطويقهم بالسّيف بيض طلاها (١)
سوى أنهم يحيون شرعة أحمد ... وينفون عنها داءها بدواها
سيغسل عنها السيف أدران بدعة ... فيشرق فى الآفاق نور سناها
ويذكر بعض مترجميه أن الشاعر نظم هذه القصيدة فى سن مبكرة، ولكن مقدمتها وما ترسمه من الجهاد لمصلح دينى وأنصاره يريدون إحياء السنة المحمدية وغسلها من أدران البدع المستحدثة فى الحياة اليومية، وأنهم لا يريدون بذلك مالا ولا قصورا مشيدة، إنما يريدون درء المنكرات، وإنهم ليحملون فى سبيل ذلك السيوف حتى يكف الناس عن هذا الغى والضلال. كل ذلك يشهد بأن المقصود فى القصيدة محمد بن عبد الوهاب وأنصاره بزعامة محمد بن سعود الذين جردوا سيوفهم ورماحهم لحمل الناس فى الجزيرة العربية على الدعوة الوهابية. وفى الديوان دالية يعلن فيها تبرءه من ابن عبد الوهاب ودعوته، وأكبر الظن أنها موضوعة على لسانه أقحمت من قديم على الديوان تقربا للأمراء الزيديين من بيته، وفى الحق أنه كان يحمل نفسا ثائرة تحب الحق وتؤثره ولو كان فيه خصومة لأهله ويبدو أن بعض خصومه استغلوا موقفه مع الوهابيين فكانوا يشون به لأئمته مما أدى أحيانا إلى سجنه على نحو ما نرى فى قوله سنة ١١٦٦ للهجرة:
وما حبسونى أننى جئت منكرا ... ولا أننى نافست فى الملك والكرسى
ولكننى أحببت سنّة أحمد ... وأبرزتها شمسا على العرب والفرس
وكان أهل بيته من الأئمة يتلقبون ألقابا كثيرة، وقد لا يكتفى الإمام بلقب واحد بل يتخذ لقبين أو أكثر مثل الإمام المتوكل على الله شرف الدين والإمام الأعظم المهدى لدين