والآثار فى مجلدين، غير كتب كثيرة فى الأصول وفى النحو وفى بعض الفتاوى. ومن كتبه «إيقاظ الفكرة لمراجعة الفطرة» ويبدو أنه كتبه فى الاحتجاج للدعوة الوهابية لأن مترجميه يقولون إنه ترك فيه مقالة الأصحاب ورجّح أدلّة السنة والكتاب. وكان يشتغل بالتدريس ويجمع إليه أحيانا الخطابة. ويجمع كل من كتبوا عنه أنه كان مجتهدا ينفر من التقليد ومن كل رأى فقهى لا دليل عليه، ويقول الشوكانى إنه كان «من الأئمة المجددين لمعالم الدين» وكان الشوكانى مثله يعجب بالدعوة الوهابية، ومر بنا أن هذه الدعوة أعلنت سنة ١١٥٨ للهجرة حين وضع محمد بن سعود يده فى يد محمد بن عبد الوهاب وعاهده على نصرته، على أن تكون للأول وذريته السلطة الزمنية وللثانى وذريته السلطة الروحية. وما نتقدم مع هذا العهد والإعلان للدعوة أكثر من خمس سنين، حتى نجد صوتا مدويا ينطلق من صنعاء باليمن، هو صوت محمد بن إسماعيل إذ يرسل بقصيدة دالية طنانة إلى الشيخ محمد بن عبد الوهاب مشيدا وممجدا لدعوته استهلها بقوله:
سلام على نجد ومن حلّ فى نجد ... وإن كان تسليمى على البعد لا يجدى
وقد مضى فيها يعلن إعجابه بمبادئ الدعوة الوهابية، وهاجم الصوفية وما يزعم غلاتهم من القول بالحلول، كما هاجم المتصوفة والطرق الصوفية وأورادها، وأظهر استحسانه لما قيل من حرق الوهابيين لدلائل الخيرات، يقول مبررا صنيعهم:
غلوّ نهى عنه الرسول وفرية ... بلا مرية فاتركه إن كنت تستهدى
أحاديث لا تعزى إلى عالم ولا ... تساوى لفلس إن رجعت إلى النّقد
وهو يضع بذلك دليلين يجوّزان حرقها فى رأيه: ما بها من غلو ومن أحاديث ضعيفة واهية، ويقول إنها من البدع المستحدثة. وكان ما ينى ينصح قومه بالانصراف عن مثل هذه الأوراد. وكان يؤذيه أشد الإيذاء تصديقهم للمنجمين وإيمانهم بأنهم يطّلعون على الغيب. ويكتب إلى الإمام المهدى العباس سنة ١١٧٠ قصيدة دالية ينهاه عن الاستماع إلى المنجمين وافتراءاتهم الكاذبة، وفيها يقول:
ولا تستمع من عابد لنجومه ... تقاويم زور ليس تغنى ولا تجدى
أكاذيب يمليها لكلّ مغفّل ... يصدّقها من ضلّ عن طرق الرّشد
ووالله ما عند النجوم دلالة ... على نحس يوم فى الزمان ولا سعد
ووالله ما غير الإله بعالم ... بما فى غد مما يسرّ وما يبدى
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله:«كذب المنجمون ولو صدقوا». وله قصيدة جعل مقدمتها فى ديوانه على هذا النمط: «هذه نفثة مصدور، وكلمة صادرة عن قلب