للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما روى من شق جبريل وميكائيل لصدره وإيداعهما فيه النور الهادى، ويتحدث عن رحلته إلى الشام ولقائه لبحيرا الراهب ونسطور راهب بصرى الذى بشره ببعثته، وما كان من تحنّثه فى حراء واختيار الله له كى يبلّغ رسالته، ويذكر إسراءه ومعراجه إلى السموات ومناجاته لربه. ويأخذ فى سرد معجزاته منذ بدء هجرته ونسج العنكبوت لبيوته على غار حراء حتى لا تظن قريش أن به الرسول وصاحبه الصديق، ويستطرد إلى بعض ما تذكره كتب السيرة النبوية من الآيات والمعجزات، ويعرض فى نهاية مدحته معجزة الرسول الكبرى: القرآن الكريم، منشدا:

وآياته جلّت عن العدّ كثرة ... فما تبلغ الأقوال منها تناهيا

وأعظمها الوحى الذى خصّه به ... فبلّغ عنه آمرا فيه ناهيا

تحدّى به أهل البيان بأسرهم ... فكلّهم ألفاه بالعجز وانيا

وجاء به وحيا صريحا يزيده ... مرور الليالى جدّة وتعاليا

تضمّن أحكام الوجود بأسرها ... وحكم القضاء مثبتا فيه نافيا

وأخبر عما كان أو هو كائن ... يرى ماضيا أو ما يرى بعد آتيا

وما كتبت يمناه قطّ صحيفة ... ولا رئ يوما للصحائف تاليا (١)

عليه سلام الله لا زال رائحا ... عليه مدى الأيام حقّا وغاديا

وهو يقول إن معجزات الرسول صلّى الله عليه وسلم أكثر من أن تعدّ وتحصى، وإن الأقوال مهما تكاثرت لا تستطيع أن تحيط بها، وأعظمها القرآن المعجزة الكبرى التى ليس لها مثال سابق ولا مثال لا حق وإنه ليحمل أوامر الله ونواهيه وقد تحدى الرسول به أهل البيان من العرب فكلهم أعلن عجزه عن الإتيان بما يماثله، بلاغة تأخذ بالألباب. وقد تضمن أحكام الوجود جميعها، وشمل حكم القضاء نفيا وإثباتا، وأخبر الله فيه عن الأحداث الماضية والمستقبلة. وكل هذا البيان المعجز حمله الرسول، وهو لم يخطّ صحيفة بيمينه، ولا شوهد يوما تاليا للصحف أو الصحائف، إنه النبى الأمى العظيم، سلام الله عليه سلاما دائما من أمته ومحبيه.

مالك (٢) بن المرحّل

سبتىّ النشأة والمربى ولد سنة ٦٠٤ هـ‍/١٢٠٧ م وتوفى سنة ٦٩٩ هـ‍/١٣٠٠ م، وقال ابن عبد الملك المراكشى فى الجزء الأول من الذيل والتكملة إنه مالقى، ولعله يريد أنه ولد


(١) رئ: رئى.

(٢) انظر فى مالك بن المرحل وحياته وأشعاره الجزء الأول من الذيل والتكملة لابن عبد الملك المراكشى والصلة لابن الزبير والإحاطة لابن الخطيب ٣/ ٣٠٣ والجذوة لابن القاضى ١/ ٣٢٧ ونفح الطيب (انظر الفهرس) والنبوغ المغربى لكنون ١/ ٢٢٥ والجزء الثالث فى مواضع مختلفة والوافى ١/ ٣٣٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>