للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو دلف الخزرجى: مسعر بن مهلهل (١)

شيخ هذه الجماعة بإيران فى العصر ومقدّمها وزعيمها من شعراء القرن الرابع الهجرى وقد عاش فى بلاط نصر بن أحمد السامانى (٣٠١ - ٣٣١ هـ‍) ورافق بناء على أمره مجموعة صينية فى عودتها إلى الصين، وفى عودته طاف بالهند. وعاش حتى اتصل بالصاحب بن عباد الوزير البويهى كما يوضح ذلك الثعالبى ونراه يعقد له ترجمة طويلة فى اليتيمة، ويعرّف به على هذا النحو: «شاعر كثير الملح والطرف، مشحوذ المدية فى الكدية، خنق التسعين فى الإطراب والاغتراب وركوب الأسفار الصعاب، وضرب صفحة المحراب بالجراب، فى خدمة العلوم والآداب. . وكان ينتاب حضرة الصاحب [بن عباد] ويكثر المقام عنده، ويكثر سواد غاشيته وحاشيته، ويرتفق بخدمته، ويرتزق فى جملته، ويتزود كتبه (رسائله إلى الولاة برعايته) فى أسفاره فتجرى مجرى السّفاتج (الحوالات المالية) فى قضاء أوطاره. وكان الصاحب يحفظ مناكاة (كلام ومصطلحات) بنى ساسان حفظا عجيبا، ويعجبه من أبى دلف وفور حظه منها، وكانا يتجاذبان أهدابها، ومن قول أبى دلف:

ويحك هذا الزمان زور ... فلا يغرّنّك الغرور (٢)

زوّق ومخرق وكل وأطبق ... واسرق وطلبق لمن يزور

لا تلتزم حالة ولكن ... در بالليالى كما تدور

والأبيات تصور حياة أبى دلف وأنها تقوم على المخرقة والتحامق والخطف والسلب والنهب. وله قصيدة طويلة سماها القصيدة الساسانية، أو هكذا أسماها الثعالبى، وهى فى ذكر المكدين وبيان فنون حرفهم وأنواع رسومهم، استهلها بالتعريف ببنى ساسان الأدباتية وكيف يعيشون على الغربة والترحال واليسر تارة والعسر وربط البطون على الجوع والمسغبة تارات، ثم يقول:

فنحن الناس كلّ النا ... س فى البرّ وفى البحر

أخذنا جزية الخلق ... من الصّين إلى مصر


(١) انظر أبا دلف فى اليتيمة ٣/ ٣٥٢ وتاريخ الأدب الجغرافى لكراتشكوفسكى ١/ ١٨٨ وفى دائرة المعارف الإسلامية وانظر الرسالة الثانية لأبى دلف نشر مينورسكى بالقاهرة وكذلك النشرة الثانية للرسالة لمستشرقين روسيين ترجمة وتعليق الدكتور محمد منير مرسى (نشر عالم الكتب بالقاهرة).
(٢) الغرور: كل ما غرّ الإنسان من شيطان أوحاه أو مال أو متاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>