للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ساء الحكم فى هذه الإمارة منذ القرن الثامن الهجرى، وكلما قطعنا شوطا فى الزمن اشتد سوءه، حتى لنرى أحد أمرائها من أحفاد نعير المسمى الحسن بن الزبير يعتدى فى يوم الثلاثاء السادس من ربيع الأول سنة ٩٠١ على حراس الحرم النبوى وينهب ما فى الحجرة النبوية الطاهرة من تحف ونفائس. وتتدهور الإمارة منذ هذا التاريخ وتدخل مع الحجاز فى حكم الدولة العثمانية، وتظل لهذا البيت الحسينى عليها إمارة اسمية. ويؤكد ابن خلدون والقلقشندى أنهم كانوا على مذهب الإمامية الرافضة، بينما كان أمراء مكة زيدية. ومرّ بنا أن أمراء المدينة كانوا إسماعيلية، ويبدو أنهم اعتنقوا المذهب الإسماعيلى فى العهد الفاطمى حتى إذا انقضت الدولة الفاطمية تحوّلوا فيما بعد إمامية اثنى عشرية.

نجد وقبائلها وشيوخها (١) وإماراتها.

ظلت نجد تعيش حياتها الرعوية وتنتشر فيها قبائلها الباقية بعد من هاجر منهم فى عصر الفتوح، ولا نكاد نعرف شيئا واضحا عن هذه القبائل منذ أوائل هذا العصر الممتد من سنة ٣٣٤ للهجرة إلى العصر الحديث إلا ما يتصل برحلات هذه القبائل إلى الشرق وما كوّنته هناك من إمارات، وكذلك ما يتصل برحلاتها إلى الغرب وقد مضت تتغلغل فيه متجاوزة مصر إلى بلاد المغرب، وأيضا ما يتصل بقبيلة طيئ التى كانت تحتل منطقة جبلى أجأ وسلمى وتنتشر فى بوادى الشام والعراق، وقد جعلتها مواطنها فى هذه الأنحاء تتصل بدول العراق ومصر والشام.

ولعل أول ما نقرؤه من أخبار عن تحركات القبائل النجدية فى هذا العصر يتصل ببنى هلال بن عامر وأبناء عمومتهم عقيل وربيعة، وكذلك ببنى سليم. وكان العامريون ينزلون فى جبل غزوان، بينما كان بنو سليم ينزلون شرقى المدينة، وكانوا جميعا يطوفون بأطراف الجزيرة فى العراق والشام ويغيرون على القرى هناك، وكان بنو سليم يغيرون أحيانا على الحجاج فى مواسم الحج، وكانت البعوث تجهّز لهم من بغداد للإيقاع بهم. ولما ظهر القرامطة بالبحرين تحيّز كثيرون من العامريين وبنى سليم إليهم، وصاروا جندا لهم فى البحرين وعمان، وحين أغار الأعصم القرمطى سنة ٣٦٠ على الشام، وهزمته جيوش


(١) انظر ابن خلدون وتاريخ ابن الأثير والمختصر فى أخبار البشر لأبى الفدا والجزء الرابع من صبح الأعشى وذيل تاريخ دمشق لابن القلانسى والنجوم الزاهرة لابن تغرى بردى فى مواضع متفرقة والخريدة للعماد الأصبهانى وابن خلكان فى أمراء بنى عقيل وبنى أسد وروضة الأفكار لحسين بن غنام وعنوان المجد فى تاريخ نجد لابن بشر وقلب جزيرة العرب لفؤاد حمزة ومقدمة تاريخ العرب الحديث-الجزء الأول (١٥٠٠ - ١٩١٨ م) للدكتور عبد الكريم غرايبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>