للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت الأسرة كما أسلفنا إسماعيلية، وكان الفاطميون يولون أبناءها على المدينة، الواحد تلو الآخر، إذ كانوا من شيعتهم. ومن أهمهم منظور بن عمارة المتوفى سنة ٤٩٥. وتنتهى الدولة الفاطمية على يد صلاح الدين وتدخل الحجاز فى طاعته، ويبقى على بنى مهنا أمراء للمدينة وكانوا يتولون إمارتها فى العهد الأيوبى من قبل الخلفاء العباسيين، ومن أشهرهم حينئذ أبو فليته الذى حضر مع صلاح الدين فتح أنطاكية سنة ٥٨٤ وولى بعده ابنه سالم، وكان شاعرا، وكانت بينه وبين قتادة شريف مكة موقعة بذى الحليفة بالقرب من المدينة سنة ٦٠١ هزم فيها قتادة، وفى ذلك يقول ملتاعا:

مصارع آل المصطفى عدن مثلما ... بدان ولكن صرن بين الأقارب

ويقال إن سالما حضر إلى مصر فى سنة ٦١٠ للشكوى من قتادة، ومات فى طريق عودته قبل وصوله إلى المدينة، وولى بعده ابنه شيحة وظل على المدينة حتى قتل سنة ٦٤٧ وخلفه ابنه عيسى، وقبض عليه أخوه جمّاز سنة ٦٤٩ وملك مكانه، وهو الذى ظلت الإمرة بعده فى بيته، وطال عمره حتى سنة ٧٠٤ وعمى فى آخر أيامه، وقدم مصر سنة ٦٩٢ فأكرمه سلطانها خليل وعظمه، وقبل شفاعته فى أمير ينبع وفى أبى نمى أمير مكة وكان قد غاب عن لقاء الركب المصرى. وخلفه ابنه منصور، ووفد أخوه مقبل على الظاهر بيبرس (هكذا فى ابن خلدون وصبح الأعشى وهو المظفر بيبرس الجاشنكير) فأشرك بينهما فى الإمرة وفيما عيّنه من إقطاع لأمير المدينة، وغاب منصور عن المدينة لأمر واستخلف ابنه كبيشة، فملكها مقبل من يده، ولحق كبيشة بأحياء العرب، فنصروه على عمه وسقط قتيلا سنة ٧٠٩ ورجع منصور إلى إمارته، وظل بها حتى توفى سنة ٧٢٥.

ويكثر الخلاف بين أفراد هذه الأسرة وما يكاد يتولاها شخص منهم حتى ينقضّ عليه آخر.

ويكفى أن نذكر ممن تولوا إمارتها حتى نهاية القرن الثامن على الترتيب كبيشة بن منصور، وودّى بن جماز وطفيل بن منصور وسيف وفضل ومانع من عقب جماز، ثم جماز بن منصور وهبة ابنه، وهبة آخر من عقب ودّى وعطيفة بن منصور بن جماز وهبة بن جماز وجماز بن هبة بن جماز ونعير بن منصور وثابت بن نعير. وكثيرا ما كان يثب على الإمارة أحد هؤلاء الأربعة عشر واليا حتى سنة ٧٩٩. ووراء هؤلاء أسماء أمراء للمدينة آخرين مثل محمد بن عطيفة المتوفى سنة ٧٨٨ وهبازع بن هبة الله المتوفى بالسجن فى الإسكندرية سنة ٧٨٩. وحقّا كانت تتبع المماليك وكانوا هم الذين يولون عليها الأمراء، ولكن الأمر أفلت من أيديهم إزاء هذا الصراع الحاد، فما يكادون يولون شخصا حتى تقيم الأسرة شخصا آخر وتطلب توليته، ويفزع إلى القاهرة كى تخلع عليه وتنصبه أميرا. على كل حال

<<  <  ج: ص:  >  >>