ظل المسلمون فى صقلية-طوال حكمهم بها-لا يزيدون عن نصف سكانها وكانت مجمعا لعناصر شتى مسيحيين من سكانها الأصليين الصيقول ومن النورمان والإغريق والصقالبة ومن بقايا الفينيقيين والقرطاجيين مع قلة من اليهود وكانت لهم حارة فى بلرم وقلة من الزنوج ونزل أكثر البربر. . نواحى مازر وجرجنت. وكان فى كل بلد من يملكون الإقطاعات الكبيرة ومن يملكون القطع الصغيرة، وكان الولاة يكتنزون لأنفسهم كثيرا من الذهب والفضة، ويقال إن واليها ثقة الدولة حين ارتحل إلى مصر كان معه ٦٧٠ ألف دينار سوى آلاف الخيل والبغال، ويبالغ ابن حوقل فيقول إن أهلها فقراء بينما نجد الإصطخرى يقول:«فى صقلية من الخصب والزروع والمواشى والرقيق ما يفضل سائر الموانى المتاخمة للبحر» ونفس ابن حوقل يعدّد الأسواق فى بلرم ويبلغ بها نحو الثلاثين إذ كان بها سوق الزياتين والدقاقين والصيارفة والحدادين والصياقلة وبائعى القمح والطرازين والسماكين والأبزاريين وباعة البقل وأصحاب الفاكهة وباعة الريحان والجزارين والخبازين والعطارين والأساكفة والدباغين والنجارين والغضائريين والخشابين، وكان بها للقصابين نحو مائتى حانوت لبيع اللحم ويجاورهم القطانون والحلاجون والحذّاءون». وفى ذلك ما يدل على انتعاش الحركة التجارية فى بلرم وأن سكانها لم يكن يعمهم الفقر كما يقول ابن حوقل، وبالمثل بقية المدن فى صقلية.
(١) انظر فى المجتمع الصقلى فى العهد العربى صورة الأرض لابن حوقل ومسالك الممالك للإصطخرى ونزهة المشتاق والنويرى والمكتبة الصقلية وإنباه الرواة فى ترجمة ابن البر ٢/ ١٤٦ ورياض النفوس للمالكى وسفرنامه لناصر خسرو والعرب فى صقلية للدكتور إحسان عباس: الفصل الثانى من الكتاب الأول، وكتاب ورقات عن الحضارة العربية بإفريقية، الفصل الخاص فى الجزء الثالث بتاريخ صقلية الإسلامية.