٥٩١ هـ/١١٩٤ م فإنهم أخذوا ينزلون بأهلها من المسلمين-بتأثير الكنيسة-صورا فظيعة من الاضطهاد والتنكيل، ومنعوهم منعا باتا من حمل السلاح، وفرضوا عليهم-كما يقول الأستاذ الجليل حسن حسنى عبد الوهاب-أن يعمّد أبناؤهم مثل أبناء النصارى: أمر لا رادّ له من البابا دون استحياء، كما فرضوا عليهم أن يضعوا على صدورهم قطعة من النسيج الأحمر طولها شبر وعرضها إصبعان للتمييز بينهم وبين النصارى، وهاجرت كثرة من مسلمى صقلية- وخاصة من التجار والصناع-إلى الساحل التونسى والبلاد الإفريقية، فرارا من هذا الظلم الذى لا يطاق، وبقيت قلة مستضعفة-وخاصة من أهل الأرياف-تتحمل هذا العذاب والهوان، وتعامل معاملة العبيد الأرقاء. وحين صارت إفريقية التونسية إلى أبى زكريا الحفصى وعلم بما يقع على تلك القلة من الظلم فى أبشع صوره كاتب فردريك الثانى إمبراطور المانيا وملك صقلية ليرفع هذا الظلم عن مسلمى الجزيرة، وعقد معه معاهدة تضمن لهم الحرية الدينية، حتى إذا توفى أبو زكريا سنة ٦٤٧ هـ/١٢٤٥ م رجع الظلم والعدوان الذى لا يطاق، واستغاثوا بالمستنصر بن أبى زكريا، فاتفق مع فردريك الثانى إمبراطور ألمانيا وملك صقلية سنة ٦٤٧ على إجلائهم إلى إفريقية التونسية، وبالمثل إخلاء مالطة من كل من بقى فيها من المسلمين.