للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحبشى قاتل حمزة بن عبد المطلب فى غزوة أحد كلّ حبشى، وقلت إن بيعة السقيفة لا توجب إمامة أبى بكر وخلافته، ولو أنى شحذت شفرة خنجر غلام المغيرة بن شعبة طاعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أو لو أنه تعلق بشعبة فى حصار عثمان من شعب الدار وقلت تقاتلوا على الدرهم والدينار وسفكوا الدماء وتركت الوجه الكريم لعلى بن أبى طالب خضيبا بالدماء، وناولت يزيد بن معاوية قضيبا ليقرع السن-كما قيل-فى ثغر الحسين. لو أنه صنع شيئا من ذلك ثم لاذ بحفرة ابن تومرت وقبره لقد آن أن تسمع لقولى وتغفر لى خطيئاتى وتعفو عنى. ولم يلن له قلب عبد المؤمن بل ازداد قسوة وأمر بقتله. ولا يقلل من روعة هذه الرسالة أنه استوحاها من الرسالة الجدية لابن زيدون، والحق أنه كان كاتبا بارعا وأن رسائله تعد فى الذروة من النثر المغربى فى مختلف عصوره.

(ج‍) ابن (١) بطوطة

هو أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد اللّواتي الطنجى المشهور باسم ابن بطوطة، ولد فى طنجة سنة ٧٠٣ هـ‍/١٣٠٤ م لأسرة كانت تشتغل بالفقه والدراسات الدينية وكانت فى بسطة وسعة من العيش، واهتم أبوه-وكان فقيها-بتربيته فحفظ القرآن، ودفعه لدراسة الفقه المالكى واستوعب ما عند شيوخه فى نحو العشرين من عمره، وطمحت نفسه لقضاء فريضة الحج، فخرج من بلده فى الثانية والعشرين من سنه مع رفقة، واتجه معها شرقا إلى الجزائر ونزل؟ ؟ ؟ سنتها الشمالية، وتنقل بين رفاق حتى تونس وفيها رأى الالتحاق بقافلة من قوافل الحجاج، وعرفوا فيه فقهه فأقاموه قاضيا بينهم، ونزلت القافلة الإسكندرية فطاف بمشاهدها وزار علماءها وعبّادها وتعرّف على ناسك زاهد يسمى «الشيخ خليفة» وقال له: إنّي أراك تحب السياحة والجولان فى البلاد فأجابه: نعم. فقال له: «لا بد لك-إن شاء الله-من زيارة أخى فريد الدين بالهند وأخى ركن الدين زكريا بالسند وأخى برهان الدين بالصين، فإذا بلغتهم فأبلغهم منى السلام» فعجب ابن بطوطة من قوله وكأنما تنبأ له أنه سيصبح رحالة كبيرا يطوف بلدان العالم الإسلامى حتى أقصاها وأنه سيمد رحلاته إلى الهند والصين. وترك الإسكندرية ميمما وجهه نحو القاهرة ولم يذهب إليها مباشرة إذ طاف قبلها ببعض البلاد فى الوجه البحرى مثل دمنهور وفوّة بالقرب من رشيد ودمياط والمحلة الكبرى. وفى فوة تعرف على شيخ صالح يسمى أبا عبد الله المرشدى، وأكرمه وبات على سطح زاويته، فرأى فى منامه حلما عجيبا: أنه على جناح طائر عظيم، يطير به فى سمت القبلة يتيامن ثم


(١) انظر فى ابن بطوطة ورحلته النبوغ المغربى ١/ ٢٢٢ ورحلة ابن بطوطة للدكتور شاكر خصباك (طبع بغداد) وابن بطوطة ورحلاته: تحقيق ودراسة وتحليل للدكتور حسين مؤنس (طبع دار المعارف بالقاهرة).

<<  <  ج: ص:  >  >>