للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تتشعب منذ فتنة عثمان شعبا كثيرة، منها ما يتصل بالجهاد والحرب، ومنها ما يتصل بالمناظرة فى الآراء السياسية المتعارضة بين على وخصومه القرشيين من جهة ثم بينه وبين الخوارج من جهة أخرى. وهى فى كل ذلك تستمد من القرآن وخطابة الرسول وأحاديثه، تستمد المعانى وتستمد الأساليب ذات البهاء والرونق.

[٤ - الكتابة]

نوّه الإسلام بالكتابة وفضلها منذ أول آية نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال جلّ شأنه: {(اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ، اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).} ومن تمام هذا التنويه القسم بالقلم فى قوله تعالى: {(ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ)} وبالكتاب فى قوله سبحانه: {(وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ).} وتتردّد فى القرآن كلمات اللوح والقرطاس والصحف فى مثل قوله تبارك وتعالى: {(بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) وقوله: {(قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ)} وقوله: {(رَسُولٌ مِنَ اللهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً).}

وعمل الرسول عليه السلام جاهدا على نشر الكتابة بين أصحابه، حتى لنراه يجعل فداء بعض أسرى قريش ممن حذقوا الكتابة عشرة من صبيان المدينة (١)، وقد حثّ القرآن على استخدامها فى المعاملات، يقول عزّ سلطانه: {(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ).}

ومن غير شك كانت هى الوسيلة إلى نشر القرآن وتعلمه، فقد كان الصحابة يكتبونه، حتى يتحفّظوه.


(١) طبقات ابن سعد ج ٢ ق ١ ص ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>