للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظن أنه عاش إلى أواسط عصر المعتمد (٢٥٦ - ٢٧٨ هـ‍). ولعل فى كل ما قدمنا ما يصور مهارته البيانية فى الرسائل الإخوانية والديوانية، فقد كان يعنى أشد العناية باختيار ألفاظه وتقطيع عباراته حتى لينتهى التقطيع أحيانا إلى السجع، كما كان يعنى بمعانيه وجلب ما يروق منها بدقته وطرافته.

٥ - أبو العباس بن ثوابة (١)

هو أبو العباس أحمد بن محمد بن ثوابة المتوفى عام ٢٧٧ للهجرة، وهو من أسرة أصلها مسيحى، عملت فى دواوين الخلافة، منذ أواسط القرن الثالث للهجرة إلى منتصف القرن الرابع. وأول من لمع اسمه منهم محمد بن ثوابة وكان يعمل فى دواوين الدولة، وهو من ممدوحى البحترى، وكان ابنه جعفر يتولّى ديوان الرسائل فى أيام عبيد الله بن سليمان بن وهب الوزير بأخرة من عصر المعتمد، وقد توفى سنة ٢٨٤ للهجرة، وخلفه على رياسة هذا الديوان ابنه أحمد بن محمد بن جعفر بن ثوابة، وسبق أن عرضنا له فى الفصل الماضى وقلنا إنه كان يسجع فى رسائله الديوانية، وقد توفى سنة ٣١٢ فخلفه على رياسة الديوان ابنه أحمد حتى سنة ٣٤٩ للهجرة. ويبدو أن السجع نما على أيدى هذه الأسرة وكانت عاملا من عوامل انتشاره فى الكتابتين الديوانية والإخوانية.

وليست بين أيدينا معلومات واضحة عن نشأة أبى العباس بن ثوابة، ولكن لا بد أن أباه وكان يشتغل فى الدواوين أخذه مبكرا بالدرس والتحصيل، بادئا معه من الكتّاب، ومنتهيا به إلى حلقات العلماء فى المساجد، حتى إذا غزرت ثقافته تحول به إلى الدواوين الرسمية ونراه متألفا فيها منذ عصر المهتدى (٢) (٢٥٥ - ٢٥٦ هـ‍)، وما زال نجمه فى صعود حتى اختير لرياسة ديوان الرسائل لأوائل عصر المعتمد. وكانت لا تعقد إلا لمن أثبت كفاءته وعرفت بلاغته. وكان طبيعيّا أن تكثر الصلات والمودات بينه وبين سعيد


(١) انظر فى أبى العباس بن ثوابة الفهرست ص ١٩٣ ومعجم الأدباء ٤/ ١٤٤ وجمهرة رسائل العرب ٤/ ٣٢٣ وما بعدها.
(٢) الأغانى (طبعة الساسى) ٢٠/ ٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>