للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى الحياة وعواقبها وفى البعث والنشور والموت والفناء، وكان من حين إلى حين ينيب إلى ربه، مما جعله يردد أنغاما مختلفة فى الزهد والدعوة إلى الانصراف عن الشهوات ومتاع الحياة الزائلة والإعداد للآخرة بالتقى والعمل الصالح من مثل قوله (١):

يا طالب الدنيا ليجمعها ... جمحت بك الآمال فاقتصد

والقصد أحسن ما عملت له ... فاسلك سبيل الخير واجتهد

واعمل لدار أنت جاعلها ... دار المقامة آخر الأبد

وكان يدعو الله ويبتهل له ابتهالات كثيرة. وكنا نتمنى لو اختلط مثل هذا التفكير فى الحياة والموت ومصير الإنسان والقدر وما ينزله بالناس من خير وشر بمجونياته وخمره ونشوته بها، إذن لما انتظرنا طويلا حتى يوجد عمر الخيام ولكان أبو نواس خياما آخر ولوجد من مسائل الحياة الكبرى: مسائل المقادير والشقاء والسعادة والموت والفناء ما يشغله عن فسقه ومجونه وفحشه وهزله وعبثه الوقح مع الغلمان والجوارى. ومرّ بنا فى الفصل السابق أنه عنى فى بعض أشعاره بقالب الرباعيات والمسمطات غير أنه لم يتسع بذلك، وكان أهم ما وفّر له عنايته صفاء النغم وعذوبته. ولعل ذلك هو الذى دفعه إلى الإكثار من الأوزان القصيرة والمجزوءة

٣ - أبو العتاهية (٢)

ولد أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان فى «عين التّمر» بالقرب من الأنبار سنة ١٣٠ للهجرة، وكان أبوه نبطيّا من موالى بنى عنزة، أما


(١) الديوان ص ١٩٣.
(٢) راجع فى ذى العتاهية وأخباره وأشعاره أغانى (طبع دار الكتب) ٤/ ١ وطبعة الساسى فى ترجمة والبة ١٦/ ١٤٢ وترجمة سلم الخاسر ٢١/ ٧٣ والشعر والشعراء لابن قتيبة ص ٧٦٥ وابن المعتز ص ٢٢٨ وما بعدها و ٣٦٤ وتاريخ بغداد ٦/ ٢٥٠ وابن خلكان والموشح ص ٢٥٤ ومرآة الجنان ٢/ ٤٩ وشذرات الذهب ٢/ ٢٥ ومروج الذهب للمسعودى ٣/ ٢٤٠، ٢٧٤، ٣٥٨ وزهر الآداب للحصرى ٢/ ٣٤ وما بعدها وأبو العتاهية لمحمد أحمد برانق (نشر لجنة البيان العربى بالقاهرة). ونشرت ديوانه مطبعة الآباء اليسوعيين ببيروت سنة ١٨٨٦ م.

<<  <  ج: ص:  >  >>