وكلمة ست لا يريد بها العدد كما يتبادر، وإنما يريد أم عياله، ويسميها ستّه أو سيدته. وكان مرزّأ، حتى ليقول ابن تغرى بردى فى ترجمته بالمنهل الصافى إن كثيرين من أولاده توفّوا فى سن الخامسة والسادسة والسابعة، فكان يألم لهم ويرثيهم مراثى كثيرة، وله رثاء حار فى السلطان المؤيد وابنه الأفضل. ويقول الشوكانى: هو أشعر المتأخرين ولا سيما فى الغزليات.
عبد الله (١) الشبراوى
من بيت علم وجلالة، كما يقول الجبرتى، ولد فى سنة ١٠٩٢ ومضى فى نعومة أظفاره يحفظ القرآن الكريم، ثم اختلف إلى الشيوخ بالأزهر يأخذ عنهم الفقه الشافعى، وسرعان ما ظهرت براعته، فأملى وحاضر الطلاب. واعترف له الجميع بالفضل والتعمق فى الشريعة والعلوم الدينية، مما أتاح له أن يتولى مشيخة الأزهر فى سنة ١١٣٧. وكان له جاه رفيع ومنزلة عظمى عند الأمراء ورجال الدولة، وكانت كلمته لديهم نافذة وشفاعته مقبولة. وصار لأهل العلم فى مدة مشيخته للأزهر مقام علىّ وهيبة وتجلّة عند الخاص والعام، ومن مؤلفاته عنوان البيان وبستان الأذهان فى الأدب والسلوك والأخلاق وشرح الصدور بغزوة بدر والإتحاف بحب الأشراف وديوان منائح الألطاف فى مدائح الأشراف، وكلها مطبوعة بالقاهرة من قديم. يقول الجبرتى:«وله ديوان يحتوى على غزليات وأشعار ومقاطيع مشهور بأيدى الناس». ومازال يتولى مشيخة الأزهر حتى وفاته سنة ١١٧١ عن نحو ثمانين سنة.
وللشيراوى مدائح فى ولاة مصر العثمانيين، وأهم وال دبّج فيه مدائحه عبد الله الكبورلى أو الكبورى لأوائل العقد الخامس من القرن، وكان جديرا حقّا بمديحه له، إذ يقول الجبرتى عنه:
«كان خيّرا صالحا منقادا إلى الشريعة أبطل الخمارات والمنكرات» ويقول «إنه كان من أرباب الفضائل وله ديوان شعر جيد على حروف المعجم ومدحه شعراء مصر لفضله وميله إلى الأدب» ويذكر أن للشبراوى فيه مدائح طنانة، وفيه يقول:
سليل المكرمات ابن الكبورى ... كريم الطبع والأصل الشّهير
أقام العدل فى مصر وأحيا ... معالمه بها بعد الدّثور
(١) انظر فى ترجمة الشبراوى سلك الدرر ٢/ ١٠٧ وتاريخ الجبرتى ١/ ٢٠٨ وراجع فى أشعاره الجبرتى ١/ ٧١، ١٤٤، ١٧٦، ٢١١.