للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركوب الخيل ليكون له شرف النضال عن حمى وطنه:

رجلاى والسبعون قد أوهنت ... قواى عن سعيى إلى الحرب

وكنت إن ثوّب داعى الوغى ... لبّيته بالطّعن والضّرب (١)

أشقّ بالسيف دجى نقعها ... شقّ الدياجى مرسل الشّهب (٢)

أنازل الأقران يرديهم ... من قبل ضربى هامهم رعبى (٣)

فقد وهن عظمه وضعفت منّته، ولكن لا تزال روحه قوية، وإنه ليذكر ماضى فروسيته المشرف وكيف أنه كان حين يدعو الداعى للحرب يبادر إليها يطعن ويضرب يمينا وشمالا يشق الرءوس فى مثار النقع وغبار الحرب شق الشهب لحجب الظلام فاتكا بالأقران، بل إن رعبهم منه ليفتك بهم قبل سيفه فتكا ذريعا.

ابن (٤) عنين

هو محمد بن نصر بن الحسين المشهور باسم ابن عنين، يرجع بنسبه إلى الأنصار، نزل أجداده الأولون الكوفة، وتركتها أسرته إلى زرع فى حوران بالشام. وهاجر منها أحد أجداده الأقربين واستقر فى دمشق، وفيها ولد لأبيه سنة ٥٤٩ للهجرة، وكان منزله جنوبى الجامع الأموى، فبعد أن حفظ القرآن أخذ يختلف إلى شيوخه وفى مقدمتهم الحافظ أبو القاسم بن عساكر. وكان فطنا ذكيا وسرعان ما جرى الشعر على لسانه وهو فى السادسة عشرة من عمره. ولا نعرف الأسباب التى جعلته يتجه بشعره فى بواكير حياته إلى الهجاء، ربما كان عدوانيا بطبعه، وربما رجع ذلك إلى أنه نشأ فى أسرة متواضعة، وأن أباه لم ينشّئه على حب الخير والشعور بالمروءة والكرامة والرغبة فى التسامى وطلب المعالى، وقد صرّح بذلك فى بعض شعره قائلا فيه:

وجنّبنى أن أفعل الخير والد ... ضئيل إذا ما عدّ أهل المناسب


(١) ثوب: دعا
(٢) النقع: غبار الحرب
(٣) يرديهم: يهلكهم
(٤) انظر فى ابن عنين وشعره ابن خلكان ٥/ ١٤ ومعجم الأدباء ١٩/ ٨١ والبداية والنهاية لابن كثير ١٣/ ١٣٨ والنجوم الزاهرة ٦/ ٢٩٣ ومرآة الزمان لسبط ابن الجوزى ٨/ ٢٦٤، ٣٩٨، ٤٦١ ومفرج الكروب لابن واصل ٢/ ٢٨٦ والشذرات ٥/ ١٤٠ ومقدمة ديوانه لمحققه خليل مردم (نشر دار صادر ببيروت).

<<  <  ج: ص:  >  >>