هو تقى الدين أبو بكر بن على بن عبد الله المعروف بابن حجّة الحموى، ولد بحماة سنة ٧٦٧ ونشأ بها، ودرس على شيوخها وأساتذتها، وأخذ عنهم فنونا من العلم والأدب، وارتحل إلى دمشق والقاهرة يتزود من حلقات علمائهما وأدبائهما. وانعقدت صلات كثيرة بينه وبين بعض أدباء مصر من مثل ابن مكانس الذى مرت ترجمته، وعاد إلى دمشق وأخذ يتردد بينها وبين القاهرة، ويبدو أنه عمل فى دواوين حماة ثم دمشق حين كان يتولى ابن البارزى مواطنه كتابة السر بهما، وكانت قد توثقت علاقة ابن البارزى بالمؤيد شيخ حين أصبح نائبا لسلطان مصر بدمشق، فلما استدعى إلى مصر لتولى السلطنة اصطحبه معه واتخذه كاتب سره كما مر بنا، واصطحب ابن البارزى معه ابن حجة وولاه كتابة الإنشاء بالقاهرة سنة ٨١٥ فبلغ ذروة مجده الأدبى، وظل قائما على هذا العمل طوال حياة ابن البارزى وحكم المؤيد شيخ (٨١٥ - ٨٢٤ هـ) وظل كاتبا للإنشاء بعده عاما وأشهرا وشهد حينذاك تحول السلطة من الملك المظفر ابن المؤيد إلى الملك الظاهر ططر فابنه الملك الصالح وتولى السلطان برسباى سنة ٨٢٥ وتوقف أمره، فعاد سريعا إلى موطنه حماة، وظل بها مكبّا على التصنيف والتأليف حتى توفى سنة ٨٣٧ هـ.
واشتهر بقصيدته: البديعية فى المديح النبوى وما حمّل أبياتها من محسنات البديع لزمنه، وهى فى مائة واثنين وأربعين بيتا وكل بيت يحمل محسنا من تلك المحسنات. وشرحها شرحا مطولا، متوسعا فى سرد الشواهد الشعرية والنثرية الكتابية مع مالا يكاد يحصى من ملاحظات على استخدام الشعراء للمحسنات البديعية، بحيث أصبح الشرح-كما سماه-خزانة أدب. وتعد مرجعا أساسيا للشعر والشعراء فى زمن الأيوبيين والمماليك حتى أيامه. وله فى البديع كتاب كشف اللثام عن وجه التورية والاستخدام. وله كتاب أدب طريف سماه «ثمرات الأوراق» طبع مرارا يعرض فيه مختارات نثرية وشعرية وكثيرا من المحاضرات والمساجلات، مع الإلمام ببعض القواعد المهمة التى ينبغى ان تراعى فى الكتابة الديوانية، ومع الإلمام أيضا ببعض رسائل القاضى الفاضل وابن نباته وأيضا ببعض رسائله. والكتاب فى مجموعة أشبه بكتب المحاضرات والنوادر. واختصر بعض
(١) انظر فى ابن حجة وترجمته وشعره ونثره كتابه خزانة الأدب فى مواضع كثيرة، والبدر الطالع للشوكانى ١/ ١٦٤ والضوء اللامع للسخاوى ٦/ ٢٧٧ والروض العاطر للنعمانى ٢/ ٢٨٩ وشذرات الذهب لابن العماد ٧/ ٢١٩ والنجوم الزاهرة ١٥/ ١٨٩.