كان بمصر قبل الفتح العربى الإسلامى لغات وعناصر جنسية مختلفة، فقد كان بها إغريق منذ عهد البطالمة، وكانت اللغة الإغريقية-منذ زمانهم وفى عهد الرومان-اللغة الرسمية للدولة.
وكان بها بعض السريان فى الإسكندرية وبعض الأديرة، وكانوا يهتمون بالطب، ونقل من لغتهم السريانية فيما بعد لعمر بن عبد العزيز كتاب فى الطب لأهرون القس. وكان بها رومان، وكثرتهم كانت من جنود الاحتلال الرومانى. وطبيعى أن يتكلموا لغتهم اللاتينية. وكان بها بعض اليهود وخاصة فى الإسكندرية وكانوا يتكلمون العبرية. وأهم من تلك العناصر جميعا جماهير مصر من القبط، . وهم عامة الشعب وسواده، وكانوا يتكلمون القبطية، وكانت لها لهجات تتفاوت بتفاوت الأقاليم والبلدان المصرية البحرية والقبلية.
وبمجرد أن نزل العرب مصر لم يعد للاتينية أى شأن، فقد طردت بقايا الرومان مع الجيش البيزنطى الذى غادر البلاد مدحورا مهزوما. وانحازت السريانية إلى الأديرة وأخذت فى الزوال.
واضمحلت العبرية. أما اللغة الإغريقية فظلت حية فى الدواوين على ألسنة الموظفين بها وفى كتاباتهم حتى سنة ٨٧ للهجرة إذ أمر الوليد بن عبد الملك أخاه عبد الله والى مصر بنقل الدواوين من اليونانية إلى العربية (١)، وسرعان ما هجرت ونبذت إلا كلمات قليلة سقطت فى العربية إما من الإغريقية مباشرة وإما منها عن طريق القبطية.
أما اللغة القبطية فظلت بعد اللغة الإغريقية منتشرة على كل لسان فى البلاد، إذ كانت لغة
(١) خطط المقريزى ١/ ١٨١ وفيه أن نقل الدواوين بمصر كان من القبطية إلى العربية وهو خطأ فقد كان من الإغريقية إلى العربية، كما تشهد بذلك أوراق البردى التى نشرها جروهمان فى مواضع متفرقة وهى صادرة عن الوالى باللغتين اليونانية والعربية، وانظر أدب مصر الإسلامية (عصر الولاة-نشر دار الفكر العربى) للدكتور محمد كامل حسين ص ٣٠.