من سلالة أبى بكر الصديق بمصر، ولد بها سنة ٩٣٠ وحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، وأقبل على حفظ المتون والتلقى على شيوخ عصره يأخذ ما عندهم، وكان أستاذه الأول أباه، وجلس مكانه فى الجامع الأزهر للتدريس بعد وفاته وعمره لا يتجاوز إحدى وعشرين سنة، وكان يدرس لطلابه فقه الشافعى، وله شرح على متن أبى شجاع. وكان آية فى العلم والزهد واشتهر بتعمقه فى العلوم الشرعية واللغوية والصوفية، وورث عن أبيه مشيخة السادة البكرية وله يناجى ربه:
ربّ إنى عبد ذليل ضعيف ... فلحالى باللطف منك تدارك
كلّ قطر أصابنى منك بحر ... كيف والحال فىّ تجرى بحارك
كلّ جزء منى لسّرك دار ... عمّر الله يا حبيبى ديارك
من رآنى رآك من غير شكّ ... أىّ شكّ وقد جعلت مزارك
وتمثل فى الأبيات مثولا بينا فكرة الاتحاد بالذات الربانية المعروفة عند المتصوفة وما يتبعها من فكرة الفناء، فناء الإنسان عن صفاته البشرية، وهى فكرة رأيناها واضحة عند ابن الفارض:
وله قصائد كثيرة يصف فيها حبه ومواجده الروحية من مثل قوله:
وعلى هذا النحو دائما هو واله ملتاع يبغى الوصال، ومحبوبه قريب منه، بعيد لأنه لا ينيله أمنيته من الوصول وهو لذلك دائم القلق، ويئن والمحبوب منصرف عنه معرض. وهو يهتف
(١) انظر فى محمد بن أبى الحسن ريحانة الألبا للخفاجى ٢/ ٢٢٠ وأكمل الترجمة بعد ترجمته لابنه أبى المواهب ص ٢٢٣ وراجع شذرات الذهب ٨/ ٤٣١ والنور السافر للعيدروس (طبع بغداد) ص ٤١٤ وكتاب بيت الصديق للسيد محمد توفيق البكرى وما ذكره من مراجع.