للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينادى آملا راجيا ويردد ماردده ابن الفارض وغيره من الصوفية قبله. من الحديث عن مدامة الحب الإلهى ورحيقه المسكر للصوفية.

وللبكرى استغاثات كثيرة بالرسول صلّى الله عليه وسلم حبيب الله خير مبعوث قرّبه الله إليه، وسره الأعلى الذى لا يخيب أمله، والذى ينال سؤله اللائذ. ومن قوله فى إحدى استغاثاته:

يا أكرم الخلق على ربّه ... وخير من فيهم به يسأل

قد مسّنى الكرب وكم مرة ... فرّجت كربا بعضه يذهل

وأنت باب الله أىّ امرئ ... أتاه من غيرك لا يدخل

ويضيف فى استغاثاته بالرسول إلى تفريج الكرب عنه وإقالته من عثراته الشفاعة له من ذنبه يوم المحشر بما أوتى من محبة الله ورؤيته له فى عروجه إلى السموات.

[٥ - شعراء الفكاهة]

من أهم ما يميز مصر قديما وحديثا ميل أهلها إلى الفكاهة والتندير والدعابة، وقد صورنا ذلك تصويرا جامعا فى كتابنا «الفكاهة فى مصر» مستعرضين هذه الخصلة فى مزاج المصريين من عصر الفراعنة حتى العصر الحديث. ونراها واضحة طوال هذا العصر. بل منذ أن وجدت مصر شخصيتها الأدبية زمن الدولة الطولونية على نحو ما يتضح من نبز شاعر بلقب الجمل الأكبر، وخلفه شاعر كان يلقّب بالجمل الأصغر، ويقول ابن سعيد. «كان ينحو فى الظرافة والتطايب منحى الجمل الأكبر (١)». ولا يلبث أن يقول فى سعيد القاص شاعر الإخشيد الملقب هو الآخر بقاضى البقر: «من شعراء الإخشيد وزاد اختصاصه لديه بما كان فيه من الحلاوة والتندبير والهزل (٢)». وإذا مضينا إلى زمن الدولة الفاطمية وجدنا ظاهرة النبز بالألقاب دعابة للشعراء


(١) المغرب لابن سعيد (قسم الفسطاط) ص ٢٧٠
(٢) المصدر نفسه ص ٢٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>