للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرسالة مسجوعة فى لغة رصينة امتاز بها الفشتالى-فى شعره كما مرّ بنا-وفى رسائله ونثره.

وتظل فى العصر العلوى الرسالة الديوانية محبّرة يسجع فيها الكتاب ويتأنقون صورا مختلفة من التأنق. ويشير من كتبوا عن التاريخ الأدبى لأيام العلويين إلى رسائل دينية كتبها السلاطين العلويون، وقلما استشهدوا بشئ منها، وينوهون برسالة كتبها محمد بن إدريس العمراوى المتوفى سنة ١٢٦٤ هـ‍/١٨٤٧ م بلسان السلطان العلوى عبد الرحمن بن هشام إلى ابنه الأمير محمد بشأن الحملة التأديبية الموجهة إلى قبيلة زمور وفيها يقول (١):

«كنا أردنا الإبقاء على قبيلة زمور رحمة وإشفاقا، وحملهم على الاستقامة بالإرهاب بالشدة فى بعض الأمور هداية وإرفاقا، فلم يرد الله بهم خيرا لفساد نيتهم، وخبث طوّيتهم، واتكالهم على حولهم وقوتهم، وما رأوا منا لينا وسدادا، إلا ازدادوا شدة وفسادا، ولا أظهرنا لهم عظة وإرشادا، إلا أظهروا تطاولا وعنادا، وما أخّرنا الفئة المنصورة عن الركوب إليهم إبقاء وإلفا، إلا ظنوا ذلك عجزا وضعفا، قد طمس الإعجاب منهم بصرا وسمعا، ولم يروا أن الله قد أهلك قبلهم من القرون من هو أشد منهم قوة وأكثر جمعا».

٣ -

الرسائل الشخصية

طبيعى أن تكثر الرسائل الشخصية فى المغرب الأقصى منذ القرن السادس الهجرى لاكتظاظه بالكتّاب منذ ذلك الحين، ومن طريف ما نلتقى به فى القرن السادس رسالة للقاضى أبى موسى بن عمران المتوفى سنة ٥٧٨ هـ‍/١١٨٢ م كتب بها إلى ابن له بفاس فى طلب العلم، وهى تمضى على هذه الصورة (٢):

«إلى ولدى. . هداه الله وصانه، وجمّله بالعلم والتّقوى وزانه. كتبته إليكم عن اشتياق كثير، وبمشيئة الله-تعالى-تتيسّر الأمور، ويتكاتف السرور، وإذا وجدتكم-على ما أحبه من أدوات الحفظ والأداء، ولزام آداب العقلاء-جازيتكم بما يرضيكم، وبما يزيد على أقصى تمنّيكم، وقد أجمعت الأئمة على أن الراحة لا تنال بالراحة، وأن العلم، لا ينال براحة الجسم، فادرس تروس، واحفظ تحفظ، واقرأ ترق. ومهما ركنت إلى الدّعة كنت فى


(١) الحياة الأدبية فى المغرب على عهد الدولة العلوية للدكتور الأخضر ص ٤١٢.
(٢) النبوغ المغربى ٢/ ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>