ويمثل فيه نور الرسول صلّى الله عليه وسلم المشاهد فى كل نور بملكوت السموات: فى الشمس والقمر والكواكب والنجوم:
وكأنما أنت النبىّ محمّد ... وكأنما أنصارك الأنصار
ويبلغ به الإلحاد فى الدين أن لا يكتفى بحلول أرواح الأنبياء فى المعز، بل يجعل الله يحلّ فيه، بل لكأنه الله، جلّ جلاله عن أن يتعلق بذاته العلية شئ من ترهاته إذ يقول فى غير استحياء للمعز حين حلّ بقرية رقّادة بجوار القيروان:
حلّ برقّادة المسيح ... حلّ بها آدم ونوح
حلّ بها الله ذو المعالى ... وكلّ شئ سواه ريح
وكان ابن هانئ شاعرا فذا بارعا، وإنا لنأسى له حين سخر ملكاته الشعرية الخصبة التى منحها له ربه فى الدعوة للعقيدة الإسماعيلية الضالة. وهو فى رأينا يعدّ مسئولا إلى حد كبير عن اندفاع الشعراء بعده فى هذه الدعوة الخاطئة المنحرفة، وهو أيضا إلى حد ما يعد مسئولا عن ضلال الخليفة الحاكم الفاطمى حين قال بعد جده المعز: أنا ربّكم الأعلى، وتبعه فى ضلاله ومروقه من تبعه. وكان ابن هانئ يكثر من التشبيهات والاستعارات أحيانا فى أشعاره، ونفذ إلى صور كثيرة مبتكرة كقوله فى مطلع قصيدة مدح بها جعفر بن على الأندلسى:
فتقت لكم ريح الجلاد بعنبر ... وأمدّكم فلق الصباح المسفر
وجنيتم ثمر الوقائع يانعا ... بالنّصر من ورق الحديد الأخضر
وهو يتصور الجلاد أو القتال ريحا عاصفا يفوح منه شذى العنبر والطيب وهو يهبّ فى الصباح المشرق الجميل. ونفذ إلى صورة بديعة إذ تخيل السيوف شجرا مورقا مثمرا وهم يجنون منه النصر المأمول، والقصيده تكتظ بأبيات رائعة.
المؤيّد (١) فى الدين الشيرازى
هو هبة الله بن أبى عمران موسى بن داود، ولد بشيراز فى العقد الأخير من القرن الرابع
(١) انظر فى المؤيد ديوانه ومقدمته بتحقيق الدكتور محمد كامل حسين وكتابه: فى أدب مصر الفاطمية ص ٥٩ ونشره للسيرة المؤيدية وراجع مختصر المجالس المؤيدية لحاتم بن إبراهيم نشرد. محمد عبد القادر عبد الناصر، وانظر معجم الأدباء ٣/ ١٧٥ وما بعدها فى ترجمة أبى العلاء.