للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهجرى لأبيه موسى، وكان من دعاة الدولة الفاطمية الإسماعيلية، وتقدم فى الدعوة، حتى استحق لقب حجّة إقليم فارس، ونشأ ابنه على مثاله فى الإخلاص لتلك الدعوة ومازال يسعى له عند الحاكم الخليفة الفاطمى (٣٨٦ - ٤١١ هـ‍) حتى جعله خليفة له فى فارس، ومنحه نفس اللقب الفاطمى: الحجة، وهو لقب رفيع من ألقابهم. وكان سيوسا، فتقرب من نفوس أتباعه وأخلصوا له، وحاول أن يدخل أبا كاليجار الحاكم البويهى فى عقيدته، ويقال إنه عقد له مجلسا كان يلقى فيه كتاب دعائم الإسلام للقاضى النعمان بن محمد الكتامى داعى الدعاة لعهد المعز، وأيضا فإنه بنى مسجدا بالأهواز ونقش على محرابه بالذهب أسماء الأئمة الفاطميين، وطلب من أتباعه أن يؤذّنوا فيه بأذان الإسماعيليين: «حىّ على خير العمل». ومن أهم أتباعه حينئذ ناصر خسرو. وتنبه له الخليفة العباسى ببغداد، فأرسل إليه من يتعقبه، وخشى على نفسه، ففرّ موليا وجهه نحو مصر والقاهرة: مركز دعوته، ووصل إليها سنة ٤٣٧ لعهد الخليفة الفاطمى المستنصر، واستقر بها، وحضر مجالس الدعوة فيها، وعيّنه الوزير اليازورى رئيسا لديوان الإنشاء، وظل فى هذا العمل حتى سنة ٤٥٠ وهو يتصل سرا بدعاة الدولة فى إيران والعراق، وأحسّ خطر طغرلبك السلجوقى حين تستقيم له العراق، فربما فكر فى الاستيلاء على الشام ومصر، وكانت العلاقة ساءت بين طغرلبك وأخيه إبراهيم، وكان قد ولاه على الموصل، فأعلن العصيان لأخيه ورحل إلى بلاد الجبل فتبعه بجيشه، ونشبت الحرب بين الفريقين، ورأى المؤيد فى الدين الفرصة سانحة فكاتب البساسيرى مقدم الأتراك ببغداد. وذهب إليه بنفسه محمّلا بالأموال من المستنصر، ويحدثنا فى سيرته كيف أخذ يستميل أمراء العرب فى طريقه إلى بغداد وكيف نفروا معه، يؤازرهم أهل الكوفة وواسط وحلب، وكيف وصل إلى بغداد، حيث وجد البساسيرى قد أبعد الخليفة العباسى القائم بأمر الله إلى «عانة» سنة ٤٥٠ ودعا على المنأبر باسم المستنصر بالله، وظل ذلك نحو عام، حتى إذا قضى طغرلبك على عصيان أخيه وثورته قدم إلى بغداد وقضى على البساسيرى ودعوته وأعاد الخليفة العباسى إلى عرشه. وفرّ فى هذه الأثناء المؤيد إلى القاهرة، وتولى بها مرتبة داعى الدعاة جزاء لجهوده وإن كانت قد أخفقت إخفاقا ذريعا، غير أنه حقق للفاطميين حلما طالما رجوا تحقيقه وهو أن يدعى على منابر بغداد باسمهم ولو إلى حين قصير. وكتابه «السيرة المؤيدية» يصور فيه حياته من سنة ٤٢٩ حتى سنة ٤٥٠ وما اضطرب فيه من أحداث، وهو لذلك يعد وثيقة تاريخية مهمة.

وأخذ المؤيد فى أثناء اضطلاعه بمرتبة داعى الدعاة يلقى دروسه بالجامع الأزهر، وقد جمعها

<<  <  ج: ص:  >  >>