للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى كتابه «المجالس المؤيدية» وهى تضم ثمانمائة مجلس له، وقد اختصرها حاتم بن إبراهيم الداعى اليمنى، وعنى بنشر مختصره وتحقيقه الدكتور محمد عبد القادر عبد الناصر وهو موسوعة كبيرة فى العقيدة الفاطمية والتأويل الباطنىّ وما يتصل به من الحكمة التأويلية، ويشتمل على مناظرات مع مخالفيه وردود عليهم، لعل من أهمها ردوده على ابن الراوندى ودحض آرائه الإلحادية (١). وله رسائل متبادلة مع أبى العلاء المعرى ناظره فيها طويلا فى تحريمه على نفسه أكل الحيوان وكل ما ينتجه من اللبن والبيض وعسل النحل، وقد احتفظ بها ياقوت فى معجمه. وكان شاعرا كما كان كاتبا ناثرا، وحقق الدكتور محمد كامل حسين ديوانه ونشره بالقاهرة، وهو فى مديح المستنصر الفاطمى وآبائه والدعوة إلى العقيدة الفاطمية وكل ما يتصل بها من التأويل الباطنى الموقوف على الأئمة الفاطميين وآبائهم من البيت العلوى، فهم وحدهم الذين يعرفون أسرار التأويل فى القرآن على نحو ما خصّ الله الخضر» الرجل الصالح بأسرار لم يعرفها موسى عليه السلام، وبالمثل الأئمة يعرفون من الأسرار فى تأويل الذكر الحكيم ما لا تعرفه العامّة، وفى ذلك يقول فى أولى قصائده بديوانه محتجا بقصة الخضر على جهل العامة بسر الملكوت أو أسراره ووقفها على الأئمة:

يا قوم سرّ الملكوت هذا ... يجعل أصنامكم جذاذا

سرّ له صاحب موسى الخضرا ... قال معى لن تستطيع صبرا

تدبّروا القصّة ماذا يمّما ... من قصّها إن لم تكونوا نوّما

وكأن كل إمام خضر زمنه، وهو وحده الذى يعرف أسرار الكون وبواطن الآيات القرآنية، وهى معرفة اختص الله بها الوصى الأول على بن أبى طالب وأبناءه الأئمة. والمؤيد فى الدين بذلك يرفع الأئمة درجات على سائر الخلق، بل هى العقيدة الفاطمية التى تجعلهم نورا خالصا. لا تعلق بهم مادة ولا ما يشبه المادة على نحو ما رأينا عند ابن هانئ، وقد مضى المؤيد وراءه يردّد تقديسه للأئمة وأنهم فوق الطبيعة البشرية، ومضى يسبغ عليهم كثيرا من الصفات الربانية، حتى ليجعلهم القائمين على الجنة والنار فيدخلون الجنة بأتباعهم ويزجّون بأعداءهم فى الجحيم، يقول:

يقسمون الجنان والنار فيهم ... فلكلّ نصيبه الموجوب

كبرت كلمة بل كلمات تخرج من فمه، ويتمادى فى هذا الضلال فيجعل زيارة الإمام أداء


(١) انظر فى ذلك كتاب تاريخ الإلحاد فى الاسلام لعبد الرحمن بدوى (نشر مكتبة النهضة) ص ٧٥ - ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>