هو على بن محمد بن نصر بن منصور بن بسام، من بيت كتابة وأدب، كان جده نصر يتولى دواوين الخاتم والنفقات والأزمّة فى أيام المعتصم وهو من ممدوحى أبى تمام، بينما كان أبوه محمد من ممدوحى البحترى، ويقول المسعودى إنه كان مترفا حسن الزىّ ظاهر المروءة مشغوفا بالبناء، ويروى عن بعض معاصريه ما يصوّر بذخه فى بناء داره وفى ثيابه وطعامه وشرابه. وكان قد تزوج أمامة بنت حمدون النديم.
والحديث عن بنى حمدون فى المصادر مضطرب، ويبدو أنها كانت أخت إسماعيل المترجم له آنفا. ومنها أنجب ابنه عليّا، وقد عنى بتربيته أبوه، حتى أصبح شاعرا، وحتى أصبح التأليف إحدى هواياته. ويروى له ابن النديم ومترجموه كتبا مختلفة عن عمر بن أبى ربيعة والأحوص ومناقضات الشعراء، ويذكرون له ديوان رسائل، مما يدل على أنه كان كاتبا كما كان شاعرا. ونراه يتجه منذ نشأته بشعره نحو الهجاء، وقد يكون لخاله الحمدونى أثر فى ذلك. وكان شيعيا، وربما كان لتشيعه أثر فى ذلك أيضا، فقد كان الشيعة ناقمين على الدولة والناس انصرافهم عنهم. بل كانت نقمتهم على الدولة أشد وأدهى. للزّجّ بهم فى السجون وتقتيلهم.
وكأنما اتخذ الهجاء سلاحا له ضد الخلفاء والمجتمع ويبدو أن أباه كان مواليا للعباسيين. ولعل هذا هو السر فى كثرة أهاجيه له، حتى عدّ فى العققة الذين لا يبرّون آباءهم بل يجحدون فضلهم، وله فى أبيه أهاج كثيرة من مثل قوله فيه وكان يكنى أبا جعفر:
بنى أبو جعفر دارا فشيّدها ... ومثله لخيار الدّور بنّاء
فالجوع داخلها والذلّ خارجها ... وفى جوانبها بؤس وضرّاء
وكانت قصرا عظيما يدور من حوله بستان وتلمع أمامه بركة ويموج بالغزلان والطيور البهيجة الألوان. ويتمادى فى هجائه له حتى ليقول فيه وفى داره أيضا:
(١) انظر فى ابن بسام وأخباره وأشعاره الفهرست ص ٢٢٠ ومعجم الشعراء ص ١٥٤ وتاريخ بغداد ٢/ ٦٣ ومروج الذهب للمسعودى ٤/ ٣٠٦ وما بعدها وزهر الآداب ٣/ ٨٧ وما يليها وذيل زهر الآداب ص ١٨٠ وديوان المعانى ٢/ ٢٣، ٢٣٤ والنجوم الزاهرة ٣/ ١٨٩