للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الرّابع

طوائف من الشعراء

[١ - شعراء الرثاء]

من موضوعات الشعر القديمة الرثاء، وهو يتخذ ثلاثة اتجاهات: اتجاه الندب والتوجع لفقد المصاب، وعادة يكون من الأهل وخاصة الأخ والولد، واتجاه التأبين وهو ذكر فضائل الموت وبيان خسارة القبيلة أو الأمة فيه، والعزاء وهو التعزى عن المصاب فى الميت بأن الموت كأس دائر على الجميع لا يفلت منه أحد. ويقول الحسن بن إبراهيم الشامى الكنانى (١):

فلا البؤس مدفوع بما أنت جازع ... ولا الخير مجلوب بعلم ولا فهم

وإن الحريص العمر يلقيه حرصه ... إلى حفرة جوفاء واهية الرّضم (٢)

تعلّم بأن الموت أزين للفتى ... وأهون من عيش يشين ومن وصم

وهو يقول إن الحزن لا يدفعه الجزع والمرء لا يعرف ما كتبه القدر ولا أحد يستطيع أن يحمى نفسه من الموت، فالحريص كغير الحريص لا بد أن يلقى يوما فى حفرة واهية الرضم أو واهية الصخور والحجارة، وإن الموت لأزين للفتى من عيش نكد يعيشه ووصم يشينه-ويقول عمر بن الحسن بن الفونى الكاتب فى مطلع مرثية (٣) له:

للموت ما يولد لا للحياه ... وإنما المرء رهين الوفاه

كأنما ينشره عمره ... حتى إذا الموت أتاه طواه

من ترم أيدى الدّهر لا تخطه ... والدّهر لا يخطئ من قد رماه

نفس الفتى عارية عنده ... ما بخله بالردّ إلا سفاه (٤)

وهو يستهل مرثيته بالعزاء وأن الموت مكتوب على الإنسان منذ مولده، وكأنه يولد للموت


(١) الخريدة ١/ ٩٩.
(٢) الرضم: انضمام الحجارة بعضها إلى بعض.
(٣) الخريدة ١/ ١٠٣.
(٤) سفاه: سفاهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>