للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان فؤادى خاليا قبل حبّكم ... وكان بذكر الخلق يلهو ويمزح

فلما دعا قلبى هواك أجابه ... فلست أراه عن فنائك يبرح

رميت ببين منك إن كنت كاذبا ... وإن كنت فى الدنيا بغيرك أفرح

وإن كل شئ فى البلاد بأسرها ... إذا غبت عن عينى بعينى يملح

ومن تلامذة الجنيد المهمين أبو على الرّوذبارى، وكان يقول: المريد الذى لا يريد لنفسه إلا ما أراد الله له، يريد أنه هو الذى تفنى إرادته فى الإرادة الإلهية، بحيث لا يحس المريد أو المتصوف شيئا فى الكون سوى الله، وكان شاعرا ومن شعره فى فكرة الفناء وغياب روحه عن حسّ أى شئ من أشياء الكون (١):

روحى إليك بكلّها قد أجمعت ... لو أنّ فيها هلكها ما أقلعت

تبكى عليك بكلّها عن كلّها ... حتى يقال من البكاء تقطّعت

والبيتان يحملان فكرة الفناء وفكرة المحبة التى تخلّص النفس لربها. والفكرتان تتداخلان فى التصوف، فالمحبة التى ننكر الذات تنتهى إلى فكرة الفناء والغياب عن كل حسّ وكل خاطرة إلا الذوبان فى الذات العلية. ونعرض لاثنين من كبار المتصوفة بشئ من التفصيل وهما الحلاّج والشّبلى.

الحلاج (٢)

أشهر تلاميذ الجنيد هو الحسين بن منصور المعروف باسم الحلاّج ويقال إن أباه هو الذى كان حلاّجا يحلج الصوف أو القطن أما جدّه فكان مجوسيّا أسلم ودخل فى الدين الحنيف، وقد نشأ فى مدينة تستر، فلزم سهلا التسترى


(١) السلمى ص ٣٦٧
(٢) راجع فى ترجمة الحلاج وأخباره وأشعاره السلمى ٣٠٨ وتاريخ مسكويه ١/ ٧٦ والفهرست ص ٢٨٣ والفخرى فى الآداب السلطانية ص ١٩٢ وتاريخ بغداد ٨/ ١١٢ والطبرى ١٠/ ١٤٧ وابن الأثير وتكملة تاريخ الطبرى ص ٢٣ وابن خلكان والنجوم الزاهرة ٣/ ٢٠٢ وشذرات الذهب ٢/ ٢٥٣ وكتاب أخبار الحلاج (طبع باريس) وكتاب فى التصوف الإسلامى لنيكلسون (طبع لجنة التأليف والترجمة والنشر) وكتابه الطواسين نشر ماسينيون بباريس وكتاب ماسينيون عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>