للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصور التى تجمع نهيق الحمار فجعلها فى نهيق واحد، وكذلك كان فى نباح الكلاب» (١).

[٢ - الرقيق والجوارى والغناء]

كثر الرقيق فى العصر العباسى كثرة مفرطة بسبب كثرة من كانوا يؤسرون فى الحروب وبسبب انتشار تجارته ومعروف أن الإسلام يقصر الاسترقاق على أسرى الحروب من الأجانب، غير أن تجارة الرقيق كانت منتشرة فى إيران وخراسان وما وراءهما وفى الدولة البيزنطية، وعظمت هذه التجارة فى الإسلام على مر السنين، حتى كان فى بغداد شارع خاص بها يسمى شارع الرقيق (٢)، وكان يقوم عليه موظف يسمّى قيّم الرقيق.

وكان الرقيق حينئذ يجلب من بلاد الزّنج وإفريقية الشرقية ومن الهند وأواسط آسيا ومن بيزنطة وجنوبى أوربا وكان الزنوج يعملون فى فلاحة الأرض غالبا، أما غيرهم فكانوا يقومون بالأعمال اليدوية والخدمة فى المنازل والقصور. وقد دعا الإسلام دعوة واسعة إلى تحرير الرقيق فكان كثير منهم يحرّرون، وقد يصل بعضهم إلى أرفع المناصب فى الدولة مثل الربيع بن يونس مولى المنصور وحاجبه ثم وزيره (٣). وكان الرشيد يستكثر منهم حتى قال إنه سار يوما وبين يديه أربعمائة منهم (٤)، ومعروف شغف المعتصم بالرقيق التركى، وما زال يشتريهم من أيدى مواليهم ومن النخاسين حتى اجتمعوا له بالآلاف وحتى اضطرّ أن يبنى لهم-كما أسلفنا-مسرّ من رأى كى يجنّب العامة شرهم وأذاهم.

وكان يشيع بينهم الخصيان ونحن نعرف أن الإسلام يحرم خصاء الإنسان احتراما لآدميته، ولكنه كان منتشرا فى العالم القديم بين البيزنطيين (٥) وغيرهم،


(١) البيان والتبيين ١/ ٦٩.
(٢) المسعودى ٣/ ٣١٦.
(٣) انظر الجهشيارى ص ١٢٥ وابن الطقطقى ص ١٢٩.
(٤) أغانى (طبعة دار الكتب) ٥/ ٢١٨.
(٥) انظر الحضارة البيزنطية لرنسيمان (نشر مكتبة النهضة المصرية) ص ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>