للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٤ - من الهجرة الأعرابية إلى منتصف القرن العاشر الهجرى]

هاجرت إلى ليبيا وإفريقية التونسية والمغرب الأوسط جموع أعرابية كبيرة من قبائل بنى سليم وبنى هلال كان القرامطة فى البحرين قد ضموها من نجد إلى جيش ضخم نازلوا به الفاطميين فى الشام ومصر، وما كادت تدخل فى الديار المصرية حتى انضمت إلى الجيش الفاطمى، مما كان سببا فى اندحار الجيش القرمطى وارتداده إلى البحرين، وقد نقلها العزيز بالله الفاطمى إلى الضفة الشرقية على النيل بالصعيد الأعلى، وظلت هناك مصدر قلاقل واضطرابات لأهل الريف الصعيدى، مما جعلها تتحول إلى مشكلة كبرى للحكم الفاطمى بمصر. ودار الزمن دورات وإذا الحاكم الصنهاجى الرابع المعز بن باديس (٤٠٦ - ٤٥٤ هـ‍) فى إفريقية التونسية والمغرب الأوسط يؤثر المذهب السنى مشايعة لشعبه المغربى ويقطع الدعوة الفاطمية الإسماعيلية منضويا تحت لواء الخليفة العباسى سنة ٤٣٨ للهجرة، وامتلأ الخليفة الفاطمى المستنصر سخطا وموجدة عليه، ولكن ماذا يفعل وهو لا يملك من الجند والجيوش ما يستطيع به القضاء على المعز بن باديس، وانتهز الفرصة وزيره الحسن بن على اليازورى، فأشار عليه بإقطاع مشايخ بنى سليم وبنى هلال أعمال المعز بن باديس فى المغربين الأدنى والأوسط وهجرتهم إليهما مع قبيلتيهما، وقال له إنهم إن ظفروا بالمعز وقبيلته: صنهاجة تحققت أمنيته وصاروا أولياء للدولة وعمالا لها فى تلك الأنحاء القاصية مع زوال عيثهم وفسادهم عن أهل الصعيد بمصر، وإن هم لم يظفروا بالمعز نكن قد تخلصنا منهم، ودبّرنا له ما يقضى عليه. ووقعت المشورة من نفس المستنصر موقعا حسنا، واستدعى مشايخ القبيلتين وقال لهم: «قد أعطيتكم المغرب وملك المعز بن باديس الصنهاجى العبد الآبق فلا تفتقرون» وأغرى الشيوخ بجوائز كبيرة، وأمر لكل بدوى من القبيلتين ببعير ودينار. وانطلقت جموع بنى سليم وبنى هلال بفروعها (الأثبج وزغبة ورياح وجشم وعدى وربيعة والزواودة) سنة ٤٤٣ للهجرة إلى برقة وانسابوا فيها بخيلهم ورجلهم ينهبون ويسلبون واستقرت فيها مجاميع من بنى سليم، وتقدمت بقية هذه القبيلة مع بنى هلال بفروعها إلى طرابلس وإفريقية التونسية، وكان يتولى قيادتها جميعا يحيى الرياحى شيخ بنى رياح الهلاليين، ولما استقرت جموع القبيلتين فى طرابلس انعقدت له الرياسة فيها وفى انتقالهم إلى إفريقية التونسية، ولا يعرف عدد من دخل المغرب من القبيلتين، ويرى بعض المؤرخين أنهم لم يكونوا يقلون عن خمسمائة ألف ويقول ابن خلدون إنهم كانوا يسيرون فى جموعهم كجراد منتشر لا يمرون على شئ إلا أتوا عليه، فهم يطلقون

<<  <  ج: ص:  >  >>