للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سافر حبيبى سحر وما ودّعتو ... يا وحش قلبى فى الليل إذا افتكرتو

وكلمة وحش حذفت منها التاء لضرورة تفعيلة الرجز: مستفعلن مع زيادة سبب فيها أحيانا إذ تصبح مستفعلاتن. وبهذه الألفاظ الغزلة المفرطة فى السهولة وبما كانت تتضمنه موشحات ابن بقى من صور بديعة طارت شهرته فى عصره وبعد عصره، وقد لبّى نداء ربه سنة ٥٤٠ للهجرة.

أبو بكر (١) بن زهر

هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن أبى العلاء زهر بن عبد الملك، وهو سليل أسرة طبية ألممنا بها بين الأطباء فى الفصل الماضى، ولد سنة ٥٠٧ بإشبيلية، وأخذ علم الطب عن أبيه وجده، وانفرد بالإمامة فى عصره، ويقول ابن الأبار إنه كان يحفظ صحيح البخارى أسانيد ومتونا، وكان له حظ وافر من الآداب واللغة والحفظ لأشعار الجاهلية والمولدين، وحدّث بمقامات الحريرى عن أبيه، ويقول صاحب المطرب. كان بمكان من اللغة مكين، كان يحفظ شعر ذى الرمة وهو ثلث لغة العرب مع معرفة جميع أقوال أهل الطب. وكان له منزلة عليا عند الموحدين وخاصة عند الأمير يعقوب بن يوسف سلطان الموحدين (٥٨٠ - ٥٩٥ هـ‍) وتوفى فى آخر سنة ٥٩٥ وصلى عليه السلطان الناصر بن يعقوب ودفن بروضة الأمراء فى مراكش. ويقول صاحب المطرب إن الذى انفرد به وانقادت إليه طباعه وأصارت النبهاء أتباعه الموشحات، وقد طار فى المغرب والمشرق موشحه:

أيّها السّاقى إليك المشتكى ... قد دعوناك وإن لم تسمع

ونديم همت فى غرّته ... وسقانى الرّاح من راحته

كلما استيقظ من سكرته

جذب الزّقّ إليه واتّكى ... وسقانى أربعا فى أربع


(١) انظر فى أبى بكر بن زهر التكملة رقم ٨٥٥ والمغرب ١/ ٢٧١ والمطرب لابن دحية ص ٢٠٣ وما بعدها والمعجب ص ١٤٢ وابن أبى أصيبعة ص ٥٢١ ومعجم الأدباء ١٨/ ٢٥٦ وزاد المسافر لصفوان (طبع بيروت) ص ٧١ والوافى للصفدى ٤/ ٢٩ وراجع فى موشحاته المغرب ومعجم الأدباء وابن أبى أصيبعة وتوشيع التوشيح للصفدى (انظر الفهرس) وبالمثل جيش التوشيح لابن الخطيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>