للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - شعراء آخرون]

مرّ بنا فى غير هذا الموضع أن جماعات من اليهود نزلت فى أواخر القرن الأول للميلاد وأوائل الثانى بالمدينة والواحات المنثورة فى شماليها بالحجاز مثل فدك وخيبر ووادى القرى وتيماء. واضطرتهم مواطنهم الجديدة إلى تعلم العربية، وإن ظلوا على دينهم. ومما يلفت النظر أنهم لم يتركوا أى أثر مكتوب. وقد عنى هؤلاء اليهود بالزراعة والصناعات اليدوية. وأخبارهم فى الجاهلية توحى بأن العرب لم يأمنوهم، إذ كانوا يعدونهم من أعدائهم، وكانوا يزدرونهم ازدراء شديدا.

ومن يتابع موقفهم من الإسلام وكيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم اضطر -لكيدهم له ونقضهم لما بينهم وبينه من عهود موثقة مرارا وتكرارا-إلى إجلائهم عن المدينة، وأتم عمر من بعده هذا الإجلاء عن الجزيرة، من يتابع ذلك يعرف أن العرب كانوا فى الجاهلية يجفونهم وينفرون منهم ومن دينهم، فلم يؤثروا فيهم شيئا، وعلى العكس نجد اليهود يتعلمون العربية، وينفذ بعضهم إلى النّظم بها.

على أنه ينبغى أن نحتاط إزاء ما يحدثنا الرواة عن شعرائهم وأشعارهم، فلا نثق بكل ما رووه فى هذا الصدد، فقد يكون بعض أبنائهم ممن أسلموا هم الذين زيفوا هذه الأشعار ووضعوها على ألسنتهم. ويظهر أن هذا الوضع قديم فنحن نجد ابن سلام يفتح لشعرائهم فصلا (١) فى كتابه «طبقات فحول الشعراء» يسوق فيه ذكر ثمانية من شعرائهم وينشد لكل شاعر بعض ما اشتهر له، وهم على التوالى السموأل بن الغريض بن عادياء والربيع بن أبى الحقيق وكعب بن الأشرف، وشريح بن عمران وشعية بن الغريض أخو السموأل وأبو قيس بن رفاعة وأبو الذيّال ودرهم بن يزيد. ويضيف أبو الفرج فى الأغانى (٢) وابن هشام فى السيرة النبوية أسماء أخرى مثل أوس بن دنىّ وسمّاك والغريض بن السموأل.


(١) ابن سلام ص ٢٣٥.
(٢) الأغانى (طبعة الساسى) ١٩/ ٩٤ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>