للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يعلى من شاعرية ابن حسينة ويجعله أكثر منه تفوقا فى عالم الشعر، ولم يكن ابن حسينة يقلّ عنه شاعرية وبراعة فيما يورد من أشعار له.

على (١) الغراب الصفاقسى

منشؤه ومرباه مدينة صفاقس فى القرن الثانى عشر الهجرى، وكان أبوه محمد فى ثراء ونعمة مما أتاح له الاختلاف إلى حلقات العلماء والأدباء فى بلدته والنّهل من ينابيع علمهم وأدبهم وانتقل إلى تونس، فحضر دروس علمائها المختلفين فى المنطق والفلك وأصول الفقه والفقه المالكى والحديث النبوى والبلاغة والعربية، ويقال إن أصل مجيئه إلى تونس قضية شرعية فى إرث أبيه وتعرف على رجالاتها: رجال الدواوين وساستها وقد وضع بين يدى ديوانه مقدمة طريفة ذكر فيها أنه كان فى بدء حياته (بصفاقس على ما يظن) لا يزال حين تفتحت موهبته الشعرية يتنقل بين الجد والمجون إظهارا لمقدرته، وكثير منها لم يكن مطابقا للواقع بل على حسب ما يقتضيه المقام من المفاكهات أو محاكاة للبلغاء فى بعض المطارحات. ويعود الغراب إلى ذكر ذلك فى مقدمته لديوانه لعلى الثانى بن الحسين وقد سماه «ديوان بهجة النفس والعين فى صفات الأمير على بن الحسين». وكان اتصاله برجالات العصر من الساسة وكتبة الدواوين سلما طبيعيا لاتصاله بعلى الأول ابن الأمير محمد الذى استلب أولاد أخيه الحسين الحكم إلى أن استرده محمد الرشيد وإخوته بعد عشرين عاما بفضل جيش جزائرى نصرهم على عمهم، واستقر الحكم من حينئذ فى يد الأسرة الحسينية. وقد أسند على الأول إلى الشاعر خطة العدالة التى كان يرنو إليها، وله فيه ثلاث مدائح، أهمها مدحة رائية، وفيها يقول:

مليك له فضل ومجد وسؤدد ... وكلّ مليك عن معاليه يقصر

له عفّة مقرونة بصيانة ... عن الفحش فى أفعاله وتطهّر

إذا وقعت أسيافه فى عداته ... رأيت رءوس المعتدين تطيّر

إذا رفع الأعلام فاجزم بفتحه ... لما أمّ والجمع الصحيح يكسّر


(١) انظر فى ترجمة الغراب مقدمته العامة لديوانه والخاصة التى وضعها بين يدى ديوانه الثانى فى مدائح على باى بن الحسين وهو مضمّن فى ديوانه بتحقيق وتقديم محمد الهادى الطاهر المطوى وعمر ابن سالم (طبع تونس) وقد ضمّن الديوان رسائله ومقاماته، ومن الكتب التى اهتمت بالترجمة له كتاب عنوان الأريب عما نشأ بالمملكة التونسية من عالم أديب (طبع تونس) ٢/ ٣٢ وشجرة النور الزكية فى طبقات المالكية لمحمد مخلوف (طبع القاهرة) ومجمل تاريخ الأدب التونسى للأستاذ حسن حسنى عبد الوهاب ص ٢٣٩ وكتاب الأدب التونسى فى العهد الحسينى للهادى الغزى (طبع تونس) ص ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>