الناصر إلى أن يجعله جزءا من الفتوة، إذ اشترط فيها إحسان المنتسب إليها الرمى بالبندق، وكأنه كان يريد أن يمرّن الشباب لا على الصيد من حيث هو وإنما على صيد أعداء العرب والإسلام، ولمعاصره الفتى عمر بن السفت مخمس طويل فى وصف قوس البندق وإحكام الصيد (١).
واستمر من هواياتهم فى هذا العصر اللعب بالنّرد وكذلك اللعب بالشطرنج وفى حكاية أبى القاسم وصف طويل للشطرنج واللعب به. وكان من تسلياتهم القديمة مهارشة الديكة ولعبة خيال الظل، وكانوا يلعبون بالحمام ويتخذون له أبراجا كبيرة، وكانوا يقامرون عليه، فيرسل كل حمامه، ومن جاء حمامه أولا كسب الرهان، ومن أهم أنواعه الزاجل، وكانت الحكومات تستخدمه فى البريد أو التراسل. وكان من ألعابهم سباق الخيل. وكانت الفروسية مهوى أفئدة الشباب، وخاصة أصحاب الفتوة فكانوا يتمرنون على استخدام السلاح سواء أكان ضربا بالسيف أو رميا بالنبل. وكان من العادات الشائعة الاحتفال بالختان وبختم القرآن وبالزواج وكان الفقراء يستعيرون لفتياتهم ولأنفسهم الملابس والحلى للظهور بالمظهر الكريم فى حفل الزفاف. ومن المؤكد أنه ظل يجثم على صدر بغداد حزن كئيب منذ غزاها المغول حتى العصر الحديث.
[٤ - التشيع]
يقوم التشيع على أساس نظرية فى إمامة المسلمين يؤمن بها الشيعة جميعا، وهى نظرية تعتمد على أن هذه الإمامة وراثية فى على بن أبى طالب وأبنائه المختارين للنهوض بالخلافة الشرعية للمسلمين من الوجهتين الدينية والدنيوية. ولذلك لا يسمون الحاكم الأعلى للمسلمين فى رأيهم خليفة كما يسميه أهل السنة، وإنما يسمونه إماما ليدل هذا اللقب على مكانته الدينية. والإمام الأول عندهم هو على الذى اختاره الرسول صلى الله عليه وسلم فى اعتقادهم، ليكون إمام المسلمين بعده، ويسمون ذلك وصية، إذ يقولون إن الرسول أوصى لعلى بالإمامة بجوار غدير خمّ بين مكة والمدينة. فهو وصىّ النبى وكل إمام بعده وصىّ لسلفه، عيّنه بعده صراحة وفقا لترتيب إلهى. ويضيف الشيعة إلى ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بثّ علياّ علوما خصّه بها، وهى علوم تجعل له-فى عقيدتهم-قدسية وصفات روحية خاصة،