فى ألم ومرارة عن قاسكودى جاما وأصحابه البرتغاليين فى الأرجوزة الأولى من «ثلاث أزهار فى معرفة البحار»:
وجا لكاليكوت خذ ذى الفائده ... لعام تسعمايه وستّ زائده
وسار فيها مبغض الإسلام ... والناس فى خوف وفى اهتمام
واشتروا البيوت ثم سكنوا ... وصاحبوا وللسّوامر ركنوا
وهو يريد بالسوامر البرتغاليين نسبة إلى السامرىّ الذى صنع العجل وعبده بنو إسرائيل يريد أنهم كفار، ومع ذلك صاحبهم حكام ثغر كاليكوت فى الهند. وكأنما عرف قصر نظره وشناعة عمله بعد فوات الأوان. ومع أنه أكثر من الأراجيز والقصائد مما يدل على أن نبع الشاعرية عنده كان فياضا يختل الوزن عنده أحيانا.
وخلف ابن ماجد ربان من سدنة البحر وملاحيه هو سليمان بن أحمد المهرى من مهرة فى الشّحر بين حضرموت وعمان، عاش فى النصف الأول من القرن العاشر الهجرى، وله فى الملاحة كتب لا تقل أهمية عن كتب ابن ماجد، بل لعلها أوفى وأشمل فى بيانها لأحوال الملاحة فى المحيطين الهندى والهادى حتى بحر الصين، ومن كتبه «تحفة الفحول» و «العمدة المهرية فى ضبط العلوم البحرية» و «المنهج الفاخر فى علم البحر الزاخر» وتاريخها جميعا يرجع إلى النصف الأول من القرن العاشر، وقد درس قران أعمال سليمان المهرى البحرية دراسة وافية.
[٣ - علوم اللغة والنحو والبلاغة والنقد]
لا نبالغ إذا قلنا إن كل البلاد العربية كانت مشتركة فى التراث اللغوى والنحوى والبلاغى والنقدى، بحيث لم يكن يظهر كتاب مهم فى بيئة من البيئات العربية إلا ونجده قد نقل إلى البيئات الأخرى، ونعجب أننا اليوم مع سرعة المواصلات ونقل الكتب عن طريق البواخر والسيارات، بل عن طريق الطيارات، لا نبلغ مبلغ أسلافنا فى سرعة التواصل بينهم فى الكتب، لا فى مجالات الفقه والحديث وما إليهما من الدراسات الدينية فحسب بل أيضا فى جميع المجالات لغوية وغير لغوية. وساعدت على ذلك الرحلات السنوية للحج والزيارة والتقاء العلماء، وكان بعض العلماء إذا افتقد كتابا، ولم يستطع