للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو سابق الأعيان إذ كتب اسمه ... بالعرش ثم استودع الألواحا

فإذا كان قد أراد بسبقه الأعيان أن نوره يسبق الموجودات جميعا من قبل أن تخلق أو تخرج إلى الوجود فإنه يكون مستمدّا حينئذ من نظرية الحقيقة المحمدية، وبالمثل ما نجد عنده من الحديث عن قدم نور الرسول عليه السلام، وأنه تنقل فى صلب آدم والأنبياء من بعده، إذ يقول:

حللت صلب أبينا عند مهبطه ... وصلب نوح وقد غشّى الورى الزّبد (١)

وكنت فى صلب إبراهيم مستترا ... ونار نمرود أشقى الخلق تتّقد (٢)

وحاز نورك إسماعيل يودعه ... أبناءه الغرّ حتى حازه أدد (٣)

ويمضى الصرصرى فيذكر أن عدنان نال بهذا النور المنزلة الرفيعة، وما زال النور يتنقل حتى انعقد به على رأس هاشم إكليل فخر لا يشبهه إكليل. واتصل النور بعبد المطلب وابنه عبد الله، ولم تلبث أضواء النور أن انبثقت فى المشارق والمغارب. .

وكانت وفاة الصرصرى سنة ٦٥٦ دخل عليه التتار فى اكتساحهم لبغداد، وكان ضريرا، فطعن بعكازه بطن واحد منهم فقتله، وقتل شهيدا.

[٤ - شعراء الفلسفة والشعر التعليمى.]

يكثر الشعر على ألسنة المتفلسفة منذ الكندى، وفى الكتب الخاصة بتراجمهم من ذلك أسراب غير قليلة، وكثيرا ما كانوا ينظمون بعض معارفهم الفلسفية أو الطبية. وتلقانا فى كتاب عيون الأنباء فى طبقات الأطباء لابن أبى أصيبعة بعض وصايا طبية طريفة (٤)، وكثيرا ما كانوا يعرضون للنفس والجسم والعلاقة بينهما فى الحياة وبعد الممات، على شاكلة ما أنشده أبو النفيس (٥) أحد متفلسفة القرن الرابع الهجرى:

فى النفس والجسم إن فكرت معتبر ... بل دون ذلك ضلّ الرأى والفكر

وحار كلّ لبيب فى اتحادهما ... وتلك عين وهذا حكمه الأثر


(١) غشى الورى الزبد: يشير إلى الطوفان المشهور زمن نوح عليه السلام.
(٢) النمرود: الملك الوثنى الذى ألقى بإبراهيم الخليل فى النار فكانت عليه بردا وسلاما.
(٣) أدد: أبو قبيلة عربية، رمز به إلى العرب.
(٤) ابن أبى أصيبعة ص ٣٩٠.
(٥) صوان الحكمة لأبى سليمان المنطقى السجستانى (بتحقيق الدكتور عبد الرحمن بدوى-طبع طهران) ص ٣٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>