البلخى، وكان ألب أرسلان يرسله فى مهامّه إلى بغداد، ويسوق الباخرزى فى الدمية نموذجا من سلطانياته. ومن كتاب هذه الدولة أيضا الباخرزى صاحب الدمية، ومرت ترجمته بين شعراء اللهو والمجون، والطغرائى ومرت ترجمته بين شعراء المديح، والأبيوردى وعمل فى دواوين السلاجقة ببغداد وأصفهان وغيرهما من البلدان، ومرت ترجمته بين شعراء الفخر والهجاء والشكوى.
وكانت الدولة الخوارزمية تقود بدورها نشاطا أدبيا وعلميا عظيما استمر حتى قضاء التتار عليها سنة ٦٢٩ للهجرة، ويكفى أن هذا النشاط أنتج العالم المعتزلى الكبير الزمخشرى المتوفى سنة ٥٣٨ كما أنتج كاتبا كبيرا يعدّ آخر كتاب الدواوين النابهين فى إيران، وهو رشيد الدين الوطواط، وسنخصه بكلمة، بعد إلمامنا بقابوس بن وشمكير وأبى النصر العتبىّ.
قابوس (١) بن وشمكير
هو أحد أمراء الدولة الزّيارية فى طبرستان وجرجان وبلاد الجبل، ويرجع نسبه هو وأسرته إلى «آل قارن» إحدى الأسر السبع الرفيعة-فيما يقال-لعهد الساسانيين. وينسبه البيرونى هو وأسرته إلى «قباذ» الملك الساسانى. ولى الحكم فى إمارته بعد أبيه وشمكير ابن زيار سنة ٣٦٧ ولقبه الخليفة العباسى بلقب «شمس المعالى» واشتبك مع البويهيين فى سلسلة حروب انتهت بفراره من إمارته إلى السامانيين سنة ٣٧١ وظل عندهم مكرّما، حتى استردّ ملكه سنة ٣٨٨. وكان أميرا جليل القدر بعيد الهمة، غير انه كان-كما يقول ابن خلكان-على ما خصّ به من المناقب، والرأى البصير بالعواقب، مرّ السياسة لا يساغ كأسه، ولا تؤمن بحال سطوته وبأسه، يقابل زلّة القدم، بإراقة الدم، لا يذكر العفو عند الغضب، فما زال على هذا الخلق، حتى استوحشت النفوس منه وانقلبت القلوب عليه، فأجمع أعيان دولته وعسكره على خلعه ونزع أيديهم من طاعته، وحاصروه بإحدى القلاع فى جرجان. وكان ابنه منوجهر بطبرستان فاستحثّوه على السير إليهم لعقد البيعة له، فأسرع فى الحضور وبايعوه على أن يخلع أباه، ونزل على إرادتهم، وألزم أباه المكث بإحدى القلاع، ولم يزل فى سجنه حتى توفى سنة ٤٠٣ على نحو ما مرّ بنا فى غير هذا الموضع.
(١) راجع ترجمة قابوس فى اليتيمة ٤/ ٥٩ واليمينى للعتبى مع شرح المنينى (طبع القاهرة سنة ١٢٨٦ هـ). ٢/ ١٤ - ١٧، ٢/ ١٧٢ - ١٧٨ ومعجم الأدباء ١٦/ ٢١٩ وابن خلكان ٤/ ٧٩ والمنتظم ٧/ ٢٦٤ والنجوم الزاهرة ٤/ ٢٣٣ وابن الأثير فى مواضع متفرقة وديوان المعانى للعسكرى ١/ ٨٦ والفن ومذاهبه فى النثر العربى (الطبعة الثامنة) ص ٢٥٥.