للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - المعيشة]

لم يكن العرب يعيشون فى الجاهلية معيشة واحدة، فقد عرفت الزراعة فى الجنوب والشرق وواحات الحجاز مثل يثرب وخيبر والطائف ووادى القرى. وعاش أهل مكة على التجارة، إذ كانوا يحملون عروضها وسلعها بين حوضى المحيط الهندى والبحر الأبيض. وكانت قوافلهم تجوب الصحراء شمالا وجنوبا فى طرق معلومة كما كانت تجوبها شرقا فى طريقين معروفين: طريق إلى الخليج الفارسى من شرقى مكة وكان يمر بمدينة الرياض الحالية، وطريق ثان كانوا يذهبون فيه شمالا إلى خيبر، ثم يخترقون الصحراء فى وادى الرّمّة، ويظن أنه كان مجرى نهر فى عصور ما قبل التاريخ، ومنه يهبطون إلى الحيرة. وكان يصحبهم فى هذه القوافل أدلاء يحمونهم الضلال فى مجاهل الصحراء (١)، ومن أشهرهم فرات بن حيان، كما كان يصحبهم خفراء يحمون قوافلهم من ذؤبان البادية وقراصنتها أو صعاليكها الذين تعودوا النهب والسلب (٢)، وقد يبلغون ثلاثمائة عدا، ومن أهم القبائل التى كانوا يخشون ذؤبانها قبيلتا هذيل وفهم. وكانوا ينقلون من الجنوب: من اليمن وحوض المحيط الهندى وإفريقية الشرقية اللّبان والطيب والبخور والجلود وثياب عدن النفيسة وتوابل الهند ورقيق إفريقية والصمغ والعاج، كما كانوا ينقلون من الطائف الزبيب ومن مناجم بنى سليم الذهب.

كل ذلك كانوا ينقلونه إلى حوض البحر الأبيض ويعودون محملين بالأسلحة والقمح والزيوت والخمر والثياب القطنية والكتانية والحريرية (٣).

فمكة فى الجاهلية كانت مدينة تجارية عظيمة، وكان بها الكعبة أكبر معابد العرب حينئذ، فكانوا يحجون إلى أصنامهم وأوثانهم فيها، وتقيم لهم قريش الأعياد والأسواق كسوق عكاظ (٤)، وكانت أكبر أسواقهم، وكانوا يقيمونها فى نجد


(١) المغازى للواقدى (طبع كلكتا) ص ٣٦، ١٩٦، والمحبر ص ١٨٩.
(٢) المحبر ص ٢٦٤.
(٣) انظر مكة فى دائرة المعارف الإسلامية.
(٤) راجع فى تحقيق عكاظ رسالة بعنوان موقع عكاظ لعبد الوهاب عزام (طبع دار المعارف).

<<  <  ج: ص:  >  >>