للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيوفهم وتمطر أعناق الأعداء سيولا من دم متفجر أنهارا، وإنهم ليترون أعداءهم ويفتكون بهم دون أن يطلب منهم-لبأسهم-وتر أو ثأر، وطالما فتكوا بأقيال حمير وفرسان قيصر، وقد اشتهروا بأنهم المانعون حماهم فلا تستطيع قبيلة أن تقترب منه وترعاه، وإنهم ليحسمون كل شر ويقضون عليه قضاء مبرما. وسنخص معاصره أبا الحسن على بن الحسن بن الطوبى بكلمة.

ويقول أبو على أحمد بن محمد بن القاف الكاتب (١).

سأكرم نفسى جاهدا وأصونها ... وإن قرّحت من ناظرىّ جفونها

ولست بزوّار لمن لا يزورنى ... ولا طارحا نفسى على من يهينها

فهو سيكرم نفسه إلى أقصى حد ويصونها عن أن تتعرض لإهانة مهما كلفه ذلك من السهاد، ولن يزور من لا يزوره إكراما لنفسه أن تمسها إهانة بأى صورة من الصور. ويقول الفقيه المحدث أبو محمد عمار بن المنصور الكلبى وكان من أفاضل العلماء وسادات الأمراء (٢):

تقول: لقد رأيت رجال نجد ... وما أبصرت مثلك من يمان

ألفت وقائع الغمرات حتى ... كأنك من رداها فى أمان (٣)

إلى كم ذا الهجوم على المنايا ... وكم هذا التعرّض للطّعان

فقلت لها: سمعت بكل شئ ... ولم أسمع بكلبىّ جبان

وهى ترفعه فوق رجال نجد واليمن جميعا، فليس مثله بينهم شجاع، وتقول إنه ألف وقائع الحرب حتى كأنه من موتها فى أمان، بل إنه ليهجم على الموت هجوما ضاريا متعرضا للطعان غير جزع ولا وجل، وردّ عليها قائلا إنه سمع بكل شئ إلا أنه لم يسمع بكلبى يمانى جبان. ونقف عند ابن الطوبى قليلا.

أبو الحسن (٤) الطوبى

هو أبو الحسن على بن الحسن بن الطوبى الذى تقدم ذكره فى المديح والغزل، وفيه يقول العماد الأصبهانى نقلا عن ابن القطاع: «إمام البلغاء وزمام الشعراء مؤلف دفاتر، ومصنف جواهر، ومقلد دواوين، ومعتمد سلاطين» يقول فى قصيدته التى مدح بها المعز بن باديس ومرّ ذكرها:


(١) الخريدة ١/ ٨٧.
(٢) الخريدة ١/ ١٠١.
(٣) الغمرات: الشدائد ويريد شدائد الحروب. الردى: الهلاك.
(٤) انظر فى أبى الحسن الطوبى الخريدة ١/ ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>